الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

من عادات الزواج في القرية البحرينية " الوليمة "

عند الحديث عن يوم "الوليمة" أي يوم الزواج المخصص لضيافة الناس المدعوين لتناول وجبتي الغداء والعشاء، هذا اليوم تحديداً كانت تنفق فيه الأموال الكثيرة من أجل إظهار الفرحة وأيضاً لإظهار مدى إمكانية الفرد والعائلة خاصة "بأنها عائلة ميسورة" وبالتالي اتصفت تلك الولائم "بالبذخ الزائد"، لكن إقامة الولائم لم تكن تقتصر على الميسورين والمقتدرين مادياً فقط، إنما شملت أيضاً العوائل المندرجة تحت "عباءة الفقر والعوز”، فهذه العوائل أيضاً لم تمنعها "حالتها المادية الصعبة" من إقامة تلك الولائم على الرغم من حاجة هذه الأسر إلى ذلك المال الذي ينفق في ذلك اليوم، وخصوصاً أن إقامة هكذا ولائم هي عادة اعتاد عليها الناس جميعاً ومنهم النسوة في القرى البحرينية قديماً.

هذه العادات والطقوس التي تحدثتُ عنها نتيجة للتحولات المجتمعية التي طالت كل مفاصل الحياة في القرى البحرينية، اختفت تماماً؛ فلم تَعُدْ هناك ولائم ولم تَعُدْ هناك "جَمْعة أو لَمّة" أو مناسبة يجتمع الناس فيها جميعاً من منتسبي هذه القرية الصغيرة في مساحتها، الواسعة في لمّ شملها وتآلف الناس فيما بينهم وتعاضدهم وفرحتهم العارمة عند زواج أيٍّ من أفرادها المنضوين تحت رايتها.

فالقرية البحرينية لم تَعُدْ كما كانت بل أصابها التمدن في كل جوانبها الحياتية، حيث أصبحت تلك الأفراح (الزواج) مقتصرة على المقربين ، الأصدقاء، الجيران أحياناً، خصوصاً أن التغيرات جعلت من تلك الولائم الكبيرة - التي كانت تقام في البيوت - مقتصرة على وجبات خفيفة "لحفلات خطوبة وزواج" تقام في صالات تابعة إلى مآتم حسينية بأسعار رمزية تناسب مدخول "الفرد المتواضع" أو لحفلات متمدنة تقام في أفخم صالات الأفراح والفنادق، هذه الصالات ينفق عليها الفرد الشيء الكثير وتصل قيمة استئجارها لليلة واحدة ما يقارب 2000 دينار وأكثر، يدفعها الفرد في حين أنه فيما بعد يعيش حالة من التقشف، وخصوصاً أنه لم يعد الوضع المادي مقلقاً بل بفضل "القروض الميسرة" التي تقدمها شتى البنوك والمصارف المحلية والخارجية؛ ساعد بشكل أو بآخر على تنامي مثل هذه الحالة من "الإسراف الزائد" والتسابق في إظهار حالة معاكسة لما يعيشها المواطن البحريني بشكل عام والقروي بشكل خاص.

بالإضافة إلى ذلك أصبح هناك تداخل كبير بين الثقافات، سواءً فيما يتعلق بمراسيم الزواج على الطريقة الأوروبية (موسيقى كلاسيكية) تستقبل العرسان عند دخولهم والأغاني التي تطرب المدعوين والتي هي خليط بين المحلي والخليجي والعراقي... الخ، بالإضافة إلى "البوفيه" الذي هو عبارة عن مزيج من أكلات خليجية، عربية، أوروبية، وأيضاً فستان العروس الذي يكون في الغالب ذا تصاميم "لبنانية" أو أوروبية ناعمة وبسيطة نوعاً ما.

ولا يختلف الوضع بالنسبة إلى قريبات العروس والعريس، حيث أنهن يتسابقن من أجل إبراز الموديلات الجديدة من وجهة نظرهن والتي يصرف عليها الشيء الكثير من أجل التفاخر أمام المدعوات، هذه التصاميم لفساتين "عارية نسبياً" والقصيرة، هي أيضاً تحمل في طياتها إندماج ثقافة هؤلاء النسوة مع ثقافات غريبة قد تكون أوروبية أو هندية أو خليجية أو عربية، بالإضافة إلى قصات وتسريحات الشعر والماكياج، الذي يكون مسايراً لموضات ظهرت حديثاً وغالباً ما يتغنى بعضهن بالماكياج اللبناني.


مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي " قيد النشر " - أمينة الفردان

هناك 5 تعليقات:

  1. لابد ان يغلب التمدن و يمد جذوره للمجتمع في مظهر من مظاهره، لكن ذلك لا يعني ان باقي طقوس الزواج التي كان يقوم بها الاجداد قد اندثر نهائيا.

    فلازالت الوليمة كما هي بالنسبة لحفلات الرجال، ولازالت الدعوه توجه بشكل عام لكل أهل القريه و بعض القرى المجاوره.

    إما بخصوص حفلات النساء، فقد اختلف فيها الشيء الكثير عن ما كان في السابق

    ردحذف
  2. بسم الله موضوعك ممتاز ذكرني بزواجي أنا و أخي تلك الليلة التي أعد لها والدي رغم ضنكه من أجل أن يفخر بنا بين الناس كما كان يقول فقد اشترى ثورا لذبحه و عمل الوليمة علما أن قريتي في تلك الليلة تفرح بزواج تسعة من أبنائها و الزفاف لهذا العدد جعل أبناء القرية و رجالها و أطفالا لا تأوي إلى الفراش إلا بعد الواحد و النصف صباحا .

    ردحذف
  3. اتوق الى اجواء العرس ،، رغم ان توه صاير عندنا عرس :)

    رائع عزيزتي

    ردحذف
  4. في اعتقادي ان هناك تغيرات عالمية نتجت عن انفتاح العالم ببعضه وهذا ليس بأمر سلبي ولكن جر معه عادات سيئة كنا في غنى عنها فالوجبات قديمة كانت تعكس الترابط الاجتماعي اما اليوم فهي تعكس الصورة المادية للزوج او الزوجة اما الصالات المكلفة فلا ادري كيف نقيسها فهي عادة سلبية خصوصا لدى العوائل الفقيرة او التي تندرج ضمن قائمة الفقر فهنا نقول لم كل هذا؟؟؟ هل حقا المظهر سيسبب لك سعادة كما تتمناها ؟؟ البعض يسمي ليلة الزفاف بليلة العمر والواقع انها ليلة في العمر فلو قسنا كم ليلة سيعيش هذا الشاب في حاجة بسبب ليلة واحدة لما قمنا بمثل هذا الاسراف عن تجربتي الخاصة اخترت ان ادخر هذه الاموال لاعيش مع زوجي اياما اسعد قضيتها في ربوع بلاد الشام فما كانت رحلتي توفيرا بل كلفتني اكثر اللا انني اخترت ان اتنازل عن ليلة لأعيش اكثر من يوم واحد في تجوال واجواء بين الطبيعة والتاريخ اتمنى ان تزداد ثقافة البشر في مثل هذه الامور فهي لن تنفق اموالها من اجل المراءاة اتمنى ان يتحضر الانسان ويختار انسانيته

    عبدالله علي عبدالله

    ردحذف
  5. نعم في الزواج قبل كانت الالفة والمحبة والفرح طاغية على جميع أهل القرية عندما يكون زواج بالقرية ببساطة لان قلوبهم نظيفة ، الان معظم الزواجات تتم مثل ما ذكرت الكاتبة بي الاهل المقربين والجيران وبعض الاحيان حتى الاهل لا يحضرون الزواج وذلك ببساطة لان القلوب يوجد بها شي غير ذي قبل ، اشكر الكاتبة على ما تقدمه وخصوصا انها تذكرنا بايام رائعة من تراثنا وعداتنا الجميلة .

    ردحذف

التعليقات لا تمثل بالضرورة رأي صاحبة المدونة .