الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

المجتمع القروي وفترة ما قبل النفط

شهدت مرحلة - ماقبل النفط - حياة أشبه ما تكون بـ "البدائية"، حيث كان الأهالي في هذه القرية (كرزكان) بشكل خاص والقرى البحرينية بشكل عام يعيشون حالة من العوز والفقر الشديدين وذلك لعدة أسباب؛ متمثلة بشكل أساس في العزلة التي كانت تعيشها هذه القرية قديماً وانقطاعها عن المناطق البحرينية الأخرى واعتماد كل الناس (رجالاً ونساءً) على مهن بدائية كالزراعة "المهنة الأولى" للآباء والأجداد بالإضافة إلى الغوص وصيد الأسماك والعمل في الصيران (1) والبناء وبالتالي كانت هذه المهن هي مصدر العيش لدى هؤلاء فلا بديل سواها. أما عن مهنة البيع فكانت مرتبطة في الغالب ببيع محصول العائلة من الفلاحة والأسماك.

ومن جانب آخر فإن هذا المجتمع قام بالأساس على التضامن الآلي، حيث تماثل الوظائف، فالوظائف التي يؤديها أفراده والتي ذكرناها سابقاً - كانت قابلة للتبادل. كان نحو 75% من سكان القرية يمتهنون الزراعة ويعتمدون عليها، حيث عُرفت هذه القرية بكثرة بساتينها ومزارعها، وقد ذكر المحقق الشيخ محمد علي التاجر في كتاب (عقد اللآل في تاريخ أوال) أنها "ذات بساتين ناضرة كثيرة ومياه صافية غزيرة وقد مرت إشارة ابن مقرب إليها (متحسراً) بقوله:
وأمضُّ شيء للقلوب       قطايع بالمروزان لهم وكرزكان
 وأهلها فلاحون وغواصون".


وفرة في الإنتاج وغياب الأسواق:

على الرغم من "وفرة الإنتاج الزراعي"، إلا أنه ونتيجة لغياب المواصلات واعتماد الناس بشكل رئيس على الحمار كوسيلة مواصلات للانتقال إلى سوق المنامة (البعيدة كثيراً عن هذه القرية)، لبيع محاصيلهم الزراعية؛ جعل الأهالي يعانون الفقر والعوز الشديدين وخصوصاً مع غياب الأسواق التي تعمل على استيعاب هذه المنتوجات، ومن حالفه الحظ استطاع أن يتنقل على حماره لكي يبيع مرحلة (2) أو مرحلتين من منتوجاته الزراعية أو الأسماك ببضع روبيات لكي ينفقها على أهله فيما الآخرون يعانون من صعوبة الحياة، وبالتالي كان الناس في القرية ونتيجة لعدم توافر المال يعملون بدون مقابل مادي " فأصحاب هذه المزارع هم أيضاً ليس لديهم المال لكي يدفعوا رواتب لهؤلاء المزارعين وخصوصاً أن محاصيلهم الزراعية لم تُبَعْ وبالتالي كثر التسول بين الناس" خصوصاً بالنسبة إلى العوائل التي لا تمتلك المزارع (البساتين) أما بالنسبة إلى العوائل "الميسورة" ممن تمتلك الأراضي الزراعية فإن "البيت العائلي" يجمعها كأسر ممتدة (يسكن جميع أفرادها من الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد في بيت واحد) حيث يعمل كل فرد منهم في مزرعة العائلة بدون مردود مالي (راتب) إنما مقابل إقامته وطعامه وكسوته مع أهله... وهذا ما قاله بعض الإخباريين.

 الفهرس :

1) تبدأ تلك العملية بجمع الطين من مصادر محددة ومعروفة وبعد ذلك تبدأ عملية تجفيف الطين في حال كان رطباً (كأن يكون من مصدر بحري مثلاً) ويتم ذلك بفرشه على الأرض حتى يجف ويتشقق ويتكسر وتكون الكسور بحجم قبضة اليد بعد ذلك تتم عملية جمعه. بعد ذلك يتم التجهيز لحرق الجص والتي قد تتم في حفر تجهز خصيصاً لذلك أو يكتفى بإحاطتها بجزم جذوع النخيل, ويبدو أن طريقة جزم جذوع النخيل الأكثر انتشاراً في البحرين وشرق الجزيرة العربية وذلك لكثرة وصفها. وفي هذه الطريقة الأخيرة يتم جمع قطع الطين على شكل أكوام هرمية الشكل بعدها تجلب قطع جذوع النخيل التي تكون بمقاس متر إلى متر ونصف المتر وتعرف قطع الجذوع باسم جزم وتتم إحاطة أكوام الطين بالجزم من كل جانب حتى تأخذ شكل المسدس. وبعد اكتمال إحاطة كل الأكوام تأتي مرحلة «حرق الصيران» حيث تضرم النار فيها وتبقى النار مشتعلة تحته لمدة تتراوح من ( 3-5 أيام)، وبعد أن تخمد النار تترك لتبرد, وبعدها تبدأ مرحلة «دق الصيران» حيث يتم ضرب تلك الكتل الطينية المحترقة بقطع خشبية ثقيلة حتى يتحول إلى مسحوق يستخدم في البناء.( حسين محمد حسين
2)   مرحلة : مصطلح محلي يطلق على وعاء نصف دائري به مقبطين يصنع من الخوص ، يستخدم عادةً لحمل  الأسماك  والخضروات وقديما ً كان الأهالي يحملونه اثناء السفر لوضع الأدوات المنزلية مثلاً.

- مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي " قيد النشر " - أمينة الفردان

هناك 3 تعليقات:

  1. شممت رائحة الورد المحمدي والمزارع الخضراء في قريتي
    مع الأسف بسبب النزوح العمراني خسرنا المزارع والنخيل
    كانت تسمى بلد المليون نخلة وربما قريبا تسمى بلد المليون بناية ودفن البحار
    كل التوفيق عزيزتي في تمكين رؤية التراث البحريني الأصيل وأهم المهن التي امتهنها أجدادنا كالزراعة وصيد الأسماك وغيرها
    فتاريخنا مهم لمستقبلنا فلولاهم ما وصلنا إلى ما نحن عليه ولولاهم لم يكن لنا ماضي
    تقبلي تحياتي ،، خديجه العجيمي

    ردحذف
  2. ذكرتيني بزمن اول اللي احنا عشنا جزء قليل منه لكن ما ترويه لنا امهاتنا يرجعنا وكان عشنا وياهم :) جميل جدا .. واصلي

    ردحذف
  3. بالرغم من أن الحياة القروية في عهد ما قبل النفط كانت قاسية وكان الناس يعيشون الفقر والحاجة إلا أن الحياة كانت كفاحا وجهادا بالنسبة لهم ... وكانت البساطة والطيبة والكرم السمة الغالبة على القرويين ... فكان الناس بالرغم من شظف العيش يتمسكون بالقيم النبيلة والأخلاق العالية ... حتى طموحاتهم كانت عفوية وبريئة ... لم يكونوا يحلموا بالعقار أو الأموال ... وإنما أحلامهم بسيطة كبساطة حياتهم

    ردحذف

التعليقات لا تمثل بالضرورة رأي صاحبة المدونة .