الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

مقتطفات من كتاب " المرأة في قريتي " / وماذا عن شبكة علاقاتهن الاجتماعية ..

يعتبر نسق العلاقات الإجتماعية لدى المرأة في قريتي من الأنساق التي أصابها التغيير نتيجة للمتغيرات المجتمعية وتطور المجتمع مع تقادم السنوات، حيث كانت في تلك الأزمنة ( زمن جداتنا وأمهاتنا ) تحكي عن علاقاتهن القوية ، فكما قالت لي الإخبارية أم السادة - أيام زمان كان الناس بسطاء حيث كانت البيوت مفتوحة للقاصي والداني ، كانت العلاقات قوية بين الناس عموماً وبخاصة الجيران وكل ما عند الجار يعلم به الجيران الآخرين ،أما النساء كن يساعدن بعضهن البعض ، فعندما تنتهي المرأة من أعمالها المنزلية كانت تقوم بمساعدة جاراتِها، وتواصل أم السادة حديثها بالقول بأن نساء القرية كن يزرن بعضهن بعضاً في مختلف المناسبات وفي سائر الأيام إلا أن ذلك قد تغير فـ نساء هذه الأيام لا يزرن بعضهن إلا في المناسبات .

أما الإخبارية الحاجة أم عبدالله تقول بأن مساعدة الجارات لبعضهن البعض شيء بديهي ، وتواصل الحديث بالقول إن هناك من الجارات من تحرص على أن تأتي لمساعدتها في الغسيل والطبخ الخ ، لأنها كانت أي ( الحاجة أم عبدالله ) في النفاس بعد أن أنجبت توأم ، وتقول بأن تلك الجارات هن من ربين أبناءها .

ومن سردنا لحديث الإخباريتين ( أم السادة – أم عبدالله ) ، نجد أن العلاقات الإجتماعية في هذا الزمان كم هي مختلفة عما تحكيه لنا تلك النسوة فأين كنا وأين أصبحنا ، كنا في شبكة للعلاقات الإجتماعية الحميمة القوية ( معاظدة – مساعدة – تضامن ) تلك هي علاقتهن الإجتماعية التي كانت قوية ومتماسكة بحيث أصبح الجار أكثر قيمة وألفة ومحبة من الأهل والأقارب ، لكن أين حطت بنا الرحال .. إلى زمن تقلصت وتراجعت فيه تلك العلاقات الإجتماعية بحيث أصبح الجار لا يعلم بحال جاره وأصبح الجار لا يرى جاره إلا فيما ندر ، أصبحت النساء مشغولات بأعمالهن وتربية أبناءهن وعلاقاتهن الأسرية الضيقة بعيداً عن أي علاقات قرابية أو جيرة الخ .

هذه التحولات في نمط العلاقات الإجتماعية عما كانت عليه لدى جداتنا وأمهاتنا كانت بسبب تحولات كبيرة في الكيفية التي تعيش عليها العوائل الكرزكانية قديماً وحديثاً ، بالنسبة لتلك الأزمنة كان نمط العيش لدى العوائل يتماشى مع تلك العلاقات نوعاً ما فتلك الأسر ( أسر ممتدة ) بالإضافة إلى التصميم العمراني لتلك البيوت ( المفتوحة - حوش ) والسور المشترك مع الجيران والمنخفض نوعاً ما وحتى طريقة الأبواب ، كل تلك الأمور كانت تتماشى مع منظومة العلاقات الإجتماعية تلك، وتعمل بشكل أو بآخر على توطيدها واستمرارها . بالإضافة إلى المصيف ( أو ما يعرف بالمظاعن ) والتي يقصدها الأهالي للعيش فيها ومنهم النسوة لمدة قد تقارب 3-4 أشهر ، في تلك المظاعن تتنامى علاقاتهن الإجتماعية وتتكون بينهن الصداقات و تتعارف العوائل فيما بينها ، كل تلك الأمور ساهمت بشكل أو بآخر في تعاظم العلاقات الإجتماعية بين تلك النسوة في تلك الأزمنة .

أما في هذا الزمان والذي يعيش حالة من التمدن ، فإن نمط تكوين الأسرة قد اختلف تماماً عما كان عليه وأصبحت الأسرة بسيطة حيث الوالدين والأبناء فقط ، وعندما يكبر هؤلاء الأبناء سوف يذهبون لسكن مستقل ، بالإضافة إلى الهندسة العمرانية المغلقة للبيوت والتي أصبحت بشكل يمنع حتى سماع صوت الجار ، وأصبحت تلك البيوت بأبواب محكمة بحيث لا يستطيع أي شخص اقتحامها ولو كان جار أو مقرب إلى أن يأذن له صاحب المنزل المقصود ، بالإضافة إلى انشغال النساء في أعمالهن ، وكثرة المسئوليات الخ ، كل ذلك منع هذا النوع من العلاقات أن تستمر على ما كانت عليه .

ولكن هناك ما تتميز به نساء قريتي إلى يومنا هذا هو حضورهن المكثف في التعزية ( الفاتحة ) عند فقد أياً كان من أهل القرية ، بل ووقوفهن المستمر بجانب عائلة المتوفى ( وفي هذا السياق نجد حرص المرأة في القرية على لبس الملابس السوداء أثناء التعزية والذي قد يصل إلى 40 يوماً ) .

لبس السواد هنا - يعتبر نوع من التعاضد والمواساة لأهل الفقيد ( خصوصاً من قبل الأهل والجيران ) وهذا ما لا نجده في القرى الأخرى ، هذه العادة ظاهرها سلبي وباطنها إيجابي ، إلا أن ذلك التعاضد لا نراه في مناسبات الزواج كما كان سابقاً ، حيث أصبحت حفلات الزواج مقتصرة على المقربات جداً في معظم الأحيان إلا ما ندر .

ختاماً أقول إن تراجع شبكة علاقاتنا الإجتماعية هو نتيجة حتمية لحالة التمدن الوهمي التي نعيشها في هذا المجتمع .

مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي - دراسة اثنوجرافية في قرية بحرينية / أمينة الفردان ..

الاثنين، 30 أغسطس 2010

مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي / ثقافة الستر والتحولات المجتمعية

تعتبر التحولات المجتمعية محك رئيس ومؤثر في تبدلات أحاطت بـ مفهوم الستر - لدى المرأة في قريتي على مدى سنوات ، و سوف نتطرق هنا من خلال مشاهداتنا وتحليلنا لواقع المرأة قديماً وحديثاً إلى مراحل تطور هذا المفهوم عبر أجيال متلاحقة :

 o الجيل الأول – جيل الجدات :
نرى أن ثقافة الستر لدى جداتِنا كان يحمكها العرف أولاً وأخيراً ، فالنساء قديماً كن يجهلن الدين بشكل كبير ، فثقافة الستر لديهن كانت تكمن في لبس المقنعة وتغطية الوجه حتى ولو انكشف أجزاء من جسمهن ( المحرم دينياً ) ، وأنا لن أنسى منظر تلك المسنة في جنوب قريتي وهي واقفة عند أحد الباعة المتجولين وهي تلبس الثوب الصيفي (والثوب هو لباس تقليدي مصنوع من الوايل الخفيف ترتديه المرأة المسنة شتاءاً مع الدراعة أما في الصيف فكن يرتدينه بدون دراعة ) ، هذه المرأة كانت تقوم برفع جزء من هذا الثوب لتغطية وجهها وبهذه الطريقة انكشف جزء من جسمها المحرم شرعاً أمام الرجال . فهؤلاء النسوة لا يفقهون الدين بقدر ما يفقهون العرف بسبب إنتشار الأمية والجهل أنذاك .

هذا الجهل للشرع يتجسد بوضوح أيضاً في مصافحة بعض هؤلاء النسوة للرجال وفي إظهار الزينة كالحناء الخ ، فعلى الرغم من تغطية المرأة لوجهها إلا أنها لا تفقه الدين كما يجب .

 

 o الجيل الثاني – جيل الأمهات :

وهنا برزت ثقافة الستر وفقاً للمنظور الديني بشكل أكبر والتراجع التدريجي لبعض الأعراف ، فبعد أن كان العرف هو المهيمن على كل سلوكيات المرأة ، اصبحت المرأة ونتيجة للتعليم والتوجيه الديني أكثر وعياً في دينها وبالتالي تخلت تدريجياً عن الكثير من السلوكيات و الأعراف الخاطئة التي كانت تمارس سابقاً .


وهذا الجيل ممن يرتدين الدفة ( عباءة الرأس ) وعلى الرغم من أن هناك من النساء من تحرص على تغطية وجهها ، إلا أن هناك شريحة أخرى قد تخلت تدريجياً عن ذلك ، مع التزامها بالامور الشرعية ( ستر كل ما هو محرم وعدم إظهار الزينة الخ ) و تنامي الثقافة الدينية لديهن ، لكن هناك من النساء الغير واعيات بدينهن ..

وهذا الجيل ظل متأثراً بالجيل الأول ( الجدات ) في بعض الأمور وتأثر لاحقاً بالجيل الثالث ( الشابات ) ..



 o الجيل الثالث – جيل الشابات :

وبالنسبة لهذا الجيل فقد برز التداخل بين ثقافة الستر والموضة في آن واحد ، فهؤلاء الشابات حتى وإن كن يفقهن الدين بشكل كبير ،إلا أنهن قد فضلوا بأن يمزجوا مفهوم الستر مع ما تقتضيه صرعات الموضة ، وهناك تحولات مجتمعية سهلت هذه العملية ، فأخذت الشابات بإنتهاج نمط جديد في اللبس لم يعتاد عليه هذا المجتمع ، فالكثير من تلك الشابات قد تخلين تدريجياً عن تلك العباءة ( عباءة الرأس ) والحجاب واستبدلنها بالبالطو والشيلة ، وهناك من الشابات من بقي على لبس العباءة التقليدية حتى مع متابعتهن الحثيثة للموضة .
وبسبب هذا التداخل بين تلك الثقافة والموضة فقد أدى إلى إعوجاج لدى سلوك بعض الشابات وإنحرافهن عن مفهوم الستر ، إلا أن هناك شريحة لا يستهان بها من تلك الشابات ظلت ملتزمة بمبادئها التي تربت عليها فيما يتعلق بمفهوم الستر على الرغم من مواكبتها لأخر صرعات الموضة .
و هناك ضوابط مجتمعية ظلت محددة لسلوكيات تلك الشابات في الغالب ، فيما يتعلق ببعض الأعراف والتقاليد المجتمعية ، فالخروج عن تلك التقاليد قد يعرض هؤلاء للإستهجان من قبل المجتمع ..



o الجيل الرابع - الفتيات والمراهقات :
هذا الجيل يختلف نوعاً ما عن الأجيال السابقة الذكر ، فثقافة الستر لدى هؤلاء تغيرت تبعاً للتحولات المجتمعية السريعة ..

حيث أصبحت الأمهات تُشَرب بناتها ثقافة تختلف نوعاً ما عما تشربته هيّ ، فثقافتها ( ثقافة الأم ) كانت في الغالب محكومة بضوابط مجتمعية ، إلا أن تلك الضوابط المجتمعية قد تراجعت تباعاً وأصبح المجتمع لا يأبه لتلك الضوابط والتي كانت في الماضي تعتبر تجاوزات مجتمعية لا يقبل المجتمع بها وقد يعرض صاحبها للقيل والقال .
وبالتالي نجد فتياتنا في المرحلة الإبتدائية والإعدادية يخرجون بدون عباءة الرأس أو البالطو بدون أن يستنكر المجتمع لذلك وذلك لتغير ( مفهوم الستر ) ..

مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي - دراسة اثنوجرافية في قرية بحرينية / أمينة الفردان ..








السبت، 28 أغسطس 2010

مقتطفات من كتاب " المرأة في قريتي " / الحجاب - بين الحداثة والانتكاسة ..

كثيرة هي التغيرات التي طالت الكثير من الجوانب في هذا المجتمع ، و من أهمها " الحجاب " ، فعندما تسترجع جداتنا شكل الحجاب المتداول بين الشريحة النسوية في ذلك الزمان تقول : بأن الحجاب كان عبارة عن ملفع و ثوب و مقنعة للنساء ومشمر وثوب لمكننه للشابات (والثوب لمكننه عبارة عن لباس تقليدي مصنوع من الوايل الخفيف ترتديه الشابات مع الدشداشة وتقوم برفع طرفيه لتغطية الشعر ) و أخيراً البخنق للفتيات ، فالأعراف والتقاليد المجتمعية كانت قائمة على أساس ذلك " وبالتالي كان هذا هو نمط الحجاب آنذاك ، وفيما بعد دخلت العباءة إلى القرية بدءًا بالميسورات إلى أن انتشرت ، وفي البداية كانت النسوة يرتدينها " خارج القرية مع الغشواية ، وهذا ما قالته الكثير من الإخباريات .
و على الرغم من انتشار العباءة إلا أن الحجاب المتعارف عليه لدينا - وهي قطعة القماش التي تستخدم لتغطية شعر المرأة - لم تظهر إلى النور بعد .
وظل الأمر على ما هو عليه حتى مع خروج الدفعة الأولى لتلقي التعليم في مدرسة فاطمة بنت أسد ، حيث كانت الطالبات في ذلك الوقت يرتدين " العباءة " بدون حجاب وعندما يصلن إلى المدرسة " يخلعنها " أي العباءة .
إلى أن وقعت حادثة في أحد السنوات ، كما تقول الإخبارية فاطمة ابراهيم : عندما كنت في الصف الخامس الإبتدائي وفي أحد الأيام جاء عدد من الرجال " الإنكلنيز " لتدريبنا في حصة الرياضة ، وصادف في ذلك اليوم زيارة أحد الرجال من القرية إلى المدرسة " ليشاهدنا بدون حجاب مع الرجال الإنكلنيز " فانتشر الخبر بين الأهالي وبالتالي منع الأهالي بناتهم من الذهاب للمدرسة بينما حرم البعض بناتهم من التعليم كلياً ، أما أنا كما تقول فاطمة فجلست أسبوع في المنزل بناءً على طلب أخي الذي أقنعني بارتداء الحجاب بعد أن ذهب إلى مديرة المدرسة والإتفاق معها على ذلك ، بينما ظلت جميع فتيات القرية بدون الحجاب " لأن المديرة لم تسمح لهن بارتداءه ، وفي السنة اللاحقة ارتدت جميعهن الحجاب " وهن بالصف السادس " .
وفي تلك السنة كما تقول كاظمية أحمد : أطلق علينا الأهالي بــ " رعاة العمائم " ، لأنه " أي الحجاب " كان لونه أبيض شبيه بعمامة عالم الدين، وبدايةً كما تقول كاظمية : كنا نربطه أسفل الذقن .
ومع ذلك ظلت بقية النساء في القرية " يرتدين المشمر والعباءة بدون حجاب " إلا أن ظهر الحجاب على شكل " قبعة " تغطي الشعر فقط بدون الرقبة كما تقول الإخبارية " زينب محمد عبدالنبي ، ومع ظهور هذا النمط من الحجاب " القبعة " أخذت النسوة ترتدينه مع العباءة " . وفيما بعد انتشر الحجاب تدريجياً خصوصاً مع ذهاب الكثير من فتيات القرية للتعليم في المدرسة الدينية " جمعية التوعية " والتي عملت بشكل أو بآخر على انتشار الحجاب بين فتيات القرية ، و كان لقيام الثورة الإسلامية في إيران الأثر الكبير في تنامي مفهوم الحجاب ، حيث استطاع الرجال القائمين على التوعية الدينية أنذاك استقطاب الشريحة النسوية المثقفة والمتعلمة " من الدفعة الأولى " من أجل تدريبهن على التعليم الديني لنسويات القرية عموماً بدءاً بالأمور الفقهية والعقائدية من أجل تهيأتهن " لموضوع الحجاب الإسلامي والشرعي " ، وكما تقول " الإخبارية زينب محمد عبدالنبي " إن النساء أصبحن يقبلن على الندوات والمحاضرات الدينية " وهن يرتدين الحجاب الإسلامي " ، وتواصل حديثها بالقول منذ بداية الثمانيات حتى نهايته برزت الغشواية بشكل متنامي وواضح جداً بين نساء القرية وشاباتها . و في هذه الفترة ظهر شكل آخر للحجاب " حجاب به خيطان يتم ربطهما أسفل الشعر " أعلى الرقبة من الخلف " بينما يتم ربط طرفي الحجاب من أسفل الذقن و هذا الحجاب بطبيعته لا يسمح بأن ينكشف الشعر بتاتاُ.
وفي التسعينات تراجع ارتداء النسوة للغشواية أو البوشية ، إلا أن ظهرت بوادر قليلة جداً لظهور البالطو الملون أو الأسود " نتيجة لخروج الكثير من الشابات للعمل ، ومع ذلك بقي ارتداءه محصور في مكان العمل فقط ، إلا أن ظهرت حالات هنا وهناك " بسيطة نوعاً ما " ، وظل محدود الإنتشار .
وفي بداية الألفين حدث تغير كبير في ارتداء بعض الشابات و النسوة " للبرقع " الذي يكشف العينين والذي كان متعارفاً عليه سابقاً بأنه لباس " النساء من المذهب السني " و واكب ذلك تغير آخر يتعلق بـ نمط الحجاب و شكل العباءة ، حيث اندفعت الكثير من الشابات والفتيات في بداية الأمر من أجل التخلي من جديد عن العباءة " الدفة " واستبدالها بالجلباب أو البالطو بتصاميمه المتنوعة ، وفي نفس الوقت استبدال الحجاب الذي ظل متعارفاً عليه " مدة طويلة " إلى الشيلة " الشبيهة بالملفع التي ترتديه النسوة الكبيرات في السن ، وفيما بعد ظهر الإختلاف بينهما في نوعية القماش والكريستالات والخرز والألوان والتطريزات أيضاً .
وقد استمر التغيير والتبدل في شكل الحجاب بوتيرة سريعة جداً ولم يتوقف للحظة ، فقد لاحظنا في السنوات الثلاث الأخيرة أن الحجاب أصبح يتناغم مع حالة جديدة ظهرت مؤخراً " وهي حرص الفتيات على إظهار شيء من جمالهن من خلال هذه العباءة و من خلال الحجاب أيضاً ، فالحجاب ووفق المتغيرات والتحولات الكبيرة والتي تعتبر جذرية في مجملها " أصبحت شيلة " منتفخة أو مرتفعة في الجوانب " بإتجاه الخدين " نتيجة لإستخدام ربطة شعر " كبيرة جداً " توضع في أعلى الرأس ليصبح رأس الفتاة " بحجم رأسين " وبهذه الطريقة يخرج بعضاً من شعر الفتاة " بقصد أو بدون قصد " بالإضافة إلى بروز الرقبة وهي تشع رونقاً وجمالاً ." وقد وصل الأمر عند البعض للتخلي عن الجلباب أو البالطو أيضاً .
و أخيراً ظهر شكل آخر من أشكال الحجاب ، وهو حجاب شبيه بالقبعة يتم ربطه على جانب واحد " بجانب الأذن " ليعطي رونقاً خاصاً وهذا الحجاب على الطريقة المصرية بحيث يغطي الشعر فقط ، بينما يكشف الرقبة بالكامل خصوصاً أن هؤلاء لا يرتدين العباءة " الدفة " ولا الجلباب أو البالطو أيضاً . وباسترجاع بدايات الحجاب في القرية- نجد أن هذا الشكل " أي القبعة " ظهر قديما ًمع انطلاق البدايات الأولى للحجاب إلا أن النسوة أنذاك كن يرتدينه " أسفل العباءة " أي أن العباءة كانت تستر الشعر ، وعلى الرغم من أن النوع الأخير لا زال محدود " حالات فردية " إلا أنه من المتوقع أن ينتشر كمثيلاته من الموضات السابقة له .
ومن الأمور التي رافقت ذلك إهتمام بعض الشابات والفتيات " بوضع المكياج أثناء خروجهن من المنزل " ، من أجل إبراز جمالهن أكثر وهذا الأمر لم نكن نراه في السنوات السابقة .
إذاً من خلال تتبعنا للتبدلات والتحولات التي طالت الحجاب منذ بدء إنطلاقته الأولى إلى يومنا هذا ، نجد أن الإختلاف يكمن في أن الأجيال القديمة " كانت تتصرف وفق اللا وعي " وبعدها " و في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي أخذن يتصرفن وفق " الوعي الديني " وهذا ما انعكس على شكل حجابهن ، إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذ بعض النساء يتصرفن وفق " الوعي و اللا وعي في آن واحد " و أيضاً وفق الحداثة والإنتكاسة في آن واحد ، حيث نجد البعض من النساء من أخذن يلهثن وراء الموضة و الحداثة بسلبياتها إلى أن أصبحن في زمن ما بعد الحداثة أي " الرجوع إلى الخلف و الإنتكاسة " .


- مقتطفات من كتاب " المرأة في قريتي " دراسة اثنوجرافية في قرية بحرينية " / امينة الفردان ..

الاثنين، 23 أغسطس 2010

رمضان - بين الأمس واليوم



اختلفت عادات النساء وطقوسهن وكذلك برامجهن خلال شهر رمضان الكريم - قديماً عنه في وقتنا الحاضر - حيث تحكي لنا الحاجة أم أحمد : أن النسوة قديماً وتحديداً في شهر رمضان الكريم الذي كان غالباً ما يصادف وقت المصيف " موسم المضاعن " والذي تنتقل فيه العوائل البحرينية عامة و الكرزكانية خاصة ، إلى النخيل أي "البساتين" من أجل التحدير(1).
في ذلك الموسم - شديد الحرارة في الغالب- تتوزع مهام النساء بين القيام بجمع الحطب والخراف (2) و السفاف (3)  كـ عمل السميم والحصر والكلات ، وبين القيام بالمهام المنزلية " كـ عمل خبز الرقاق وإعداد وجبة الفطور " البسيطة ".

وبعد تناول وجبة الفطور تتجه النسوة إلى المأتم حيث الأدعية والأذكار إلى أن ينتهي الوقت لترجع النسوة إلى بيوتهن ، وتواصل أم أحمد حديثها بالقول : عندما أرجع إلى منزلي " في المضعن " كنت أقوم بعمل السحور والذي يكون في الغالب " عيش ( رز ) مع سمك " أو " عيش مع لبن " .. إلى أن يأتي المسحر ليوقظ النائمين لتناول وجبة السحور.

بعد صلاة الصبح ، يبدأ يوم جديد من النشاط والتعب المضني بالنسبة لتلك النسوة حيث يخرجن للقيام بأعمالهن – أي القيام بكل الأمور السالفة الذكر - أما وقت الراحة فغالباً ما يكون بعد صلاة الظهر حيث تخلد النسوة إلى النوم .

أما الحاجة " أم منصور " فتحكي لنا كيف كانت حياة النسوة قديما ً والتي تصفها " بالبسيطة جداً " خصوصاً مع انتشار الفقر والجهل بين الناس في القرية ،وتقول : بعد أن تنهي النسوة جميع أعمالهن اليومية "نهاراً" تتجهن إلى برك السباحة لتسبحن فيها وتغطسن بكامل جسدهن دون مراعات للأحكام الشرعية لأنهن يجهلنها بالأساس ، هذا بالإضافة إلى مجالس الغيبة والنميمة أثناء تجمع النساء في وقت الضحى في المضعن في الظل "الفيه" ، حيث تجتمع جميع النسوة للقيام بالسفاف " عمل السميم والحصر ".

ومن جانب آخر – كما تقول الحاجة أم منصور – قديماً ونتيجة لعدم توفر المياه في المنازل ، كان الولف و العيون المنتشرة في القرية أنذاك ملتقى لأولئك النسوة - لقضاء حاجتهن سواء فيما يتعلق بحمل المياه إلى منازلهن أو غسل الثياب والأواني . وفي أثناء ذلك تحصل المشاجرات العنيفة دون مراعاة لشهر رمضان الكريم " .

وبخصوص المأتم تقول : اتذكر قديماً – وفي وقت الضحى تحديداً تذهب النسوة إلى المأتم النسائي " المأتم الوحيد بالقرية أنذاك " وهو مأتم بنت محمد القارية ، حيث تقضي فيه النسوة وقتهن بالاستماع إلى الدعاء والأذكار ، وعندما تنتهي " الملاية " من الدعاء ، تقوم النسوة بممارسة بعض الطقوس وذلك بترديد بعض الأهازيج التي يطلق عليها " بحبوح جناتي " ، حيث تجلس النسوة على أرجلهن - على شكل دائري – فتبدأ احداهن وغالباً ما تكون " الملاية " بترديد اغنية بحبوح جناتي لترددها جميع النسوة فيما بعد وهن " يحبون على أرجلهن " إلى أن ينتهي الوقت لترجع النسوة إلى بيوتهن أو " المضعن " .

ومع تغير الحياة وتطورها في هذه القرية تغيرت أنماط معيشة الناس ومنهم النسوة ؛ فاختفت الكثير من العادات والطقوس، وظهرت حالة مغايرة مرتبطة بحالة التدين التي أخذت تستشري بين أهالي القرية ، فانتشرت المآتم بشكل أكبر وعمت المجالس الحسينية أرجاء القرية خصوصاً في الشهر الفضيل .. هذا التوجه الديني انعكس أيضاً على العلاقات الاجتماعية بين النساء بشكل عام ، فقد عاشت القرية في تلك الفترة في ظل علاقات إجتماعية قوية خصوصاً مع تبادل الزيارات بين الأهالي بالإضافة إلى أن النساء يلتقين يومياً في المأتم الحسينية والأذكار الرمضانية .

ومن جهة أخرى وعلى الرغم من تدني المستوي المعيشي للكثيرين إلا أن أمهاتنا كن حريصات على عمل مختلف المأكولات من أجل توزيعها على كل الجيران والأهل - قديماً كنا نرى " الصينية الرمضانية " الزاخرة بكل الأصناف من المأكولات الشعبية " كالهريس ، الساكو ، البلاليط ، القيمات ، تجول أزقة القرية .

كانت هناك حالة من تعاظم للعلاقات الاجتماعية المتنامية خصوصاً وأن من يقوم بتوزيع تلك الأطباق الرمضانية هن من الفتيات الصغيرات في السن وبالتالي غالباً ما كانت تنشأ علاقة بين الفتيات وبعضهن البعض من جهة ، ومن جهة أخرى بين الفتيات والأهل وكذلك الجيران ، وبالتالي كان أهالي القرية " يعرفون بعضهم بعضاً " .

مع تقادم السنوات تراجعت " تلك العلاقات "خصوصاً وأن تلك الصحون ذات الوشم " الطمغة " المملوءة بالمأكولات المتعددة - لم نعد نراها –

اليوم- استوحشت طرقاتنا وأزقتها مرور تلك الفتيات التي تعودت عليهن طيلة سنوات " في هذا الشهر الفضيل " .

اليوم – تندبهن الطرقات - تقول لهن : أين أنتن يا عزيزاتي " ، إلا أنهن لا يسمعن إما لأنهن " نائمات أو لإنشغالهن بالتلفاز .

وفي أحسن الأحوال أصبحت طرقاتنا ترصد حالة مختلفة – صحون بلاستيكية بمأكولات حديثة بيد الخادمات .

وفيما يتعلق بالزيارات المتعارف عليها بين النساء في القرية ، فلم تعد موجودة ، أما المأتم " المقصد اليومي للأمهات والجدات " قديماً " فقد أصبح اليوم محدداً بأوقات معينة - مواسم معينة تستقطب النساء " وبخاصة الشابات " وغالباً ما يكون " عاشوراء " وعموم وفيات الأئمة والمواليد "بنسبة أقل " .

أما بخصوص شهر رمضان الكريم ، فعلى الرغم من توفر الكثير من البرامج والفعاليات الرمضانية إلى أن الحضور غالباً ما يكون أقل من المستوى المطلوب ويرجع ذلك لعدة أسباب منها مثلاً إنخراط بعض النسوة بالعمل خارج المنزل أو انشغال البعض بالأمور المنزلية والأولاد، وانشغال أخريات بما يبث في التلفاز من برامج ومسلسلات رمضانية ومتابعتهن الحثيثة لها ، و تصفح البعض الآخر ومتابعته للإنترنت .

وكان لظهور الكثير من القنوات الشيعية وتناميها في السنوات الأخيرة أيضاً سبباً في تقاعس الكثيرين ومنهم النسوة عن الذهاب للمآتم الحسينية نظراً لتعدد وتنوع ما يبث في تلك القنوات والذي يتلاءم وذوق الكثير منهن.

وعلى الرغم من ذلك " الفتور " تأتي " ليال القدر " لتتصدر الأولية – مثلها كمثل عشرة محرم الحرام – تلك المناسبة الدينية " الروحانية " التي توطد علاقة الإنسان بربه وتصحح مساره من جديد .ففي كل سنة نرى الجامع والمأتم الكبير وقد ازدحما " بمختلف الأعمار " ، هذا بالإضافة إلى عموم المآتم النسائية بالقرية والتي أخذت على عاتقها إحياء مثل تلك الليالي الرمضانية المباركة " ليالي القدر " .

من خلال عرضنا للموضوع نجد أن رمضان الأمس يختلف عن رمضان اليوم " من كافة النواحي " .. فأين " المسحر ، وأين الزيارات بين الأهالي ، وأين الصينية الرمضانية " ذات صحون الطمغة "العلامة " أوالمكتوب عليها أسماء أصحابها " وأين وأين ...

ومع كل ذلك – ستظل روحانية وخصوصية هذا الشهر المبارك " شهر رمضان " المتمركزة في " ليلة القدر" التي هي خير من ألف شر ، متجددة في كل سنة " لا محال ".





 




































الأحد، 8 أغسطس 2010

البحث في تاريخ وأصالة شعب " الحلقة الأولى " :


رغم استحداث الوسائل تلو الأخرى لحجب الحقائق والمعلومات، فأشعة الشمس باقية يصعب حجبها، فالمراجع وكتب التاريخ تنسف تقاريرهم المشبوهة في المحاولة عبثاً لتزوير تاريخ له جذور لا يحجبه تقرير ظلامي خائب وبائس..
 ومن هذا المنطلق خصت الباحثة أمينة جعفر الفردان «الوفاق» بدراسة أعدتها خصيصاً رداً على تلك المزاعم وجاء فيها: 


في ذلك اليوم قررت أن أبحر في تاريخ أرضي «أرض الخلود» البحرين، صاحبة الحضارة والتاريخ المديد - خصوصاً بعد تلك الأصوات الأخيرة التي أخذت تبوح لنا بما لا يقبله العقل والمنطق، فالبحرين هذه صاحبة الحضارة أصبحت بين ليلة وضحاها «بدون حضارة» و«بقدرة قادر» أصبحت قراها ومدنها «في المريخ». قراري بزيارة إحدى المكتبات العامة كشف الكثير من الحقائق التي طالما حاول البعض تمويهها وإخفاءها لسنوات طوال من عمر هذا الوطن «لأغراض قد تكون سياسية تارة وطائفية تارة أخرى». في هذا البحث سوف نعرض بعضاً من تلك الحقائق لدحض بعض المزاعم التي وردت في ذلك التقرير «المشبوه» الذي كان جرماً بحق الوطن ومن عاشوا على أرضه بنو أمجاده وحضارته وتاريخه.. 

بعض الحقائق: 
ما كشفه المنقبون عن الآثار حول بعض المواقع الأثرية: 

- مستوطن الدراز الأثري: يعتبر موقع الدراز من المستوطنات التاريخية الهامة في جزيرة البحرين، ويقع في الجزء الشمالي الغربي من جزيرة المنامة، وقد قامت إدارة الآثار بتنقيبه عام 1973م، 


 وتم اكتشاف بقايا دور للسكن تتألف من ثلاث طبقات بنائية، تعود إلى قرى قديمة يتراوح عهدها بين 2500 و2000 (ق.م)، وللأسف فإن التلف أصاب غالبية بقايا الدور خلال العصور التالية سواء على يد الإنسان أو بتأثير الظروف الطبيعية، وذلك بسبب قربها من سطح الأرض، فلم يبق من الموقع إلا جزء قليل.

- موقع عالي الأثري: يقع هذا الموقع شرق قرية عالي، وقد قامت البعثة الانجليزية بالتنقيب فيه عام 1978م، وتبين من خلال التنقيب أن الموقع يحتوي على ثلاث مستوطنات سكنية يعود أقدمها إلى عصر دلمون، كما توجد به قبور من عصر الدولة البابلية الحديثة «الكلدانية» ثم مستوطن من العصور الإسلامية، والموقع غني بموجوداته الأثرية، غير أن التنقيب لم ينته بعد فيه. 
- موقع جنوسان الأثري: يتميز هذا الموقع بوجود تلال ضخمة نقبت البعثة الفرنسية في عدد منها، فاكتشفت قبوراً هلنستية تعود إلى الفترة الواقعة ما بين 200 (ق.م) إلى 200 ميلادية، ويقع المكان في شمال جزيرة البحرين قرب قرية باربار ومعابدها الثلاثة. 
- مقبرة تلة أم الحصم الأثرية: وهي عبارة عن تلة كبيرة بها ستة وخمسون قبراً يرجع زمنها إلى العصر الهلينستي 300 (ق.م) إلى 200 (ما بعد الميلاد)، بدلالة ما اكتشف فيها من مواد أثرية تعود إلى ذلك العصر، وقد أزيلت هذه التلة بعد إتمام أعمال الحفر والتنقيب. 
- تلال قرية الشاخورة: تقع هذه التلال في منتصف الطريق بين البديع والمنامة جهة الجنوب، وهي عبارة عن مجموعة من التلال تشتمل كل تلة على مجموعة من المدافن مبني بعضها فوق الأرض الصخرية والبعض محفور في الأرض الصخرية، وقد مسحت جدرانها بالبلاط والجير، ومن الملاحظ أنه لا يوجد قبر رئيسي في مركز التلة، وتعود التلال إلى الفترة الهلينستية ما بين 300 (ق.م) إلى 200 (بعد الميلاد)، ولقد قامت إدارة الآثار بتنقيب بعض من تلال الموقع، وهناك أعداد أخرى من هذه التلال لم تنقب، ولقد سعت إدارة الآثار إلى تحويطها واستملاكها(1). 

تلك الشواهد التي أثبتت وجود مستوطنات بشرية في هذه القرى تعد أكبر دليل يتناقض وتلك المزاعم التي ساقها أولئك. 

قرى البحرين: 
بحسب ملاحظات القدماء - مثل ابن المجاور (ت 690 هـ) وأبو الفداء (ت 732 هـ) والبحار العربي أحمد بن ماجد (936 هـ) والوثائق البرتغالية - فإن عدد قرى البحرين كان يتراوح بين (300) و(360) قرية(2). من جهته قال الشيخ (محمد النبهاني) في تحفته: «كانت البحرين في السابق تحتوي على 36 بلدة، وعلى 331 قرية، ولكن لكثرة تداول الحكام عليها، ووقوع الحروب بها، وزوال الحضارة منها أزال عمرانها، وخرب أكثر تلك المدن والقرى، ولم يبق منها سوى 8 مدن، وبعض القرى التابعة لها»(3). 
هذه المعلومة «الأخيرة» وجدتها أيضاً في بعض الكتب التي تشير إلى المرجع الأساس «التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية» مثل كتاب «أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً» لـ سالم النويدري(4). 
لكن هناك كتاباً آخر أشار إلى هذه المعلومة أيضاً وهو كتاب «ذاكرة البديع 1845م- 2005م» لـ إبراهيم الدوسري، هذا الكتاب وجدته وبه «مادة البلانكو» التي تغطي جزءاً من الرقم الذي يمثل 300 ليبقى العدد الذي يراه القارئ بهذا الشكل (33)، هذا التمويه لفت نظري وأخذت أفكر في السبب وراء ذلك، وهل أن السبب يرجع للتقليل من عدد القرى لأغراض مشبوهة؟ لكن قلت في نفسي لعل الكاتب أشار إلى عدد القرى 333 قرية بدل 331 قرية وبالتالي أراد أن يصحح خطئه فقام بوضع «البلانكو» على رقم 3 الثالثة، لكن هناك تساؤلاً آخر يدور في داخلي، لماذا لم يوضع «البلانكو» على الرقم 3 الأولى ليصحح الخطأ «وهو الأصح» وبالتالي يضع مكانها رقم واحد «على كل حال، الله أعلم بخفايا الأمور». 

قدوم الدواسر: 
وفي الكتاب ذاته أيضاً يشير الكاتب إلى أن عائلات من قبيلة الدواسر، قدمت من شبه الجزيرة العربية سنة 1845م، خلال حكم آل خليفة للبحرين، واختارت هذه العائلات أن تسكــن على الساحل الشمالــي الغربي من جزيرة البحرين، حيث سكن عدد من تلك العائلات في القسم الجنوبي من الساحل، فأطلقـــوا على ذلك القسم «البديع» وسكنت عائلات أخـــرى في القسم الشمالـــي فأطلقت عليه «الدام»، وأما عائلة «العمامـــرة» فسكنــت القسم الشمالي الشرقي وسمــــي ذلك القسم «حي العمامرة»، ومع مرور الزمن وقوة الترابط بين العائلات، صار اسم «البديع» يطلق على كافة الأقسام(5). ما ذكر هنا خلاف لما جاء في التقرير المشبوه الذي ذكر قرية البديع من ضمن تسع قرى موجودة بحسب زعمهم في العام 1825م. 

وبالعودة مرة أخرى إلى عدد القرى البحرينية (300 - 360) التي تحدث عنهم الأقدمون أو 331 التي تحدث عنهم النبهاني في تحفته - سنحاول أن نعرض بعضاً منها من خلال تتبع مواقعها على الخريطة البحرينية: 
فعلى الساحل الشمالي الشرقي من جزيرة المحرق تقع قرية «سماهيج» سمهج وهي تختفي خلف حدائق النخيل، ويحدها من الشمال الغربي قرية «الدير» ومن الجنوب قرية «قلالي»، وأخيراً الحد وعراد(6). 

المنامة.. أكبر المدن: 
ثم «المنامة» وهي أكبر مدن البحرين وشرقها على الساحل الشمالي قرية «رأس رمان» وبها دار الوكالة البريطانية وإدارة البريد والمولد الكهربائي للتنوير المؤسس سنة 1348 يشتغل جل أهلها صيفاً بصيد اللؤلؤ والسمك وشتاء بصيد السمك والملاحة والأسفار إلى سواحل الهند واليمن وإفريقيا لتصدير التمور والبلح المسلوق «السلوق»: وجنوبها قرية حالة «ابن سوار» على الساحل الشرقي وحرفة أهلها الملاحة شتاء وصيد اللؤلؤ والسمك صيفاً: وجنوبها شرقاً حالة «ابن أنس» وهي على الساحل الشرقي وأهلها ملاحون ويصطادون اللؤلؤ صيفاً والسمك شتاء وغربيها قرية «الحورة» ويطلق عليها مع سابقتها اسم «الحورتين» وجاء ذكرهما في معجم ياقوت باسم «حوارين» قال: «حوارين بلدة بالبحرين افتتحها زياد فكان يقال له زياد حوارين وهو زياد بن عمرو بن المنذر وأخوه خلاس بن عمرو وكان فقيها من أصحاب علي «رضي الله عنه». وغربيها جنوباً على الساحل الشرقي قرية حديثة عهد بالسكنى وأكثر أهلها من الأجانب: وشرقيها بحراً «القليعة» بصيغة التصغير ذكرها ياقوت في معجمه قال «القليعة» موضع في البحرين لعبد القيس. وجنوب القرية الحديثة قرية «القضيبية» وكانت سابقاً مصيفاً لتجار اللؤلؤ من أهل المحرق وأهلها من علية القوم يتجرون باللؤلؤ وبعضهم يحترف صيده وصيد السمك. وجنوبي شرق القلعة قرية «السقية» بها جملة كبيرة من دواليب النخيل والمخضرات التي تسقى بالغرافة وأهلها يشتغلون بفلاحتها: وجنوبها «عين أم شعوم» وهي عين كبيرة قوية تسقى جملة من البساتين. وجنوبي أم الشعوم «قرية الماحوز» وهي قرية كبيرة ذات مياه غزيرة وبساتين باسقة نضيرة وحرفة أهلها الفلاحة والزراعة وقد خرج منها جملة من فطاحل العلماء كالعلامة الشيخ سلمان الماحوزي المتوفى 1137(7). ________________________________________ 


الهوامـش: 
 (1) بومطيع، يوسف عبدالله، حضارة البحرين عبر العصور التاريخية، وزارة الإعلام، الثقافة والتراث الوطني، مملكة البحرين، ص .43 (2) كاظم، نادر، ,2007 طبائع الاستملاك: قراءة في أمراض الحالة البحرينية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، ص .128 (3) النبهاني، الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة بن حمد، ,2004 التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية، المكتبة الوطنية، البحرين، الطبعة الأولى، ص 85 ,43-.87 (4) النويدري، سالم، ,1992 أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً، بيروت، الطبعة الأولى، المجلد الأول، ص .31 (5) الدوسري، إبراهيم، ذاكرة البديع 1845م- 2005م، وزارة الإعلام، البحرين الفصل الأول، ,12 الفصل الثاني، .24 (6) النعار، ميساء، ,2001 المحرق - عراقة الماضي وإشراقة المستقبل، البحرين، ص .52 (7) التاجر، الشيخ محمد علي، ,1994 السلسلة التاريخية - عقد اللآل في تاريخ أوال، إصدارات مؤسسات الأيام للطباعة والصحافة والنشر، البحرين، الباب الثالث، الفصل الأول، ص .27

الاثنين، 2 أغسطس 2010

تجربة ضمان التعطل – حقيقة أم تراهات

في بلدنا البحرين تم تطبيق تجربة فريدة من نوعها ، وأعني بذلك " ضمان التعطل " أي تقديم راتب يسد رمق كل من تعثر حظه ولم يحصل على فرصة عمل، وتم سريان هذا الضمان لكل عاطل عن العمل - فبالنسبة لحاملي شهادة الثانوية العامة وما دونها راتب شهري قدره " 120 ديناراً " أما لحاملي الشهادة الجامعية فكان راتب شهري " 150 ديناراً".

إلى هنا والأمور تجري على ما يرام " و الحمد لله "

و إزاء هذا الحدث – الكبير طبعاً - تم تحشيد الإعلام المسموع والمرئي للحديث عن تلك التجربة الفريدة والتي تكون البحرين السباقه إليها . لكن ما لا يعلمه عموم الناس في هذا المجتمع أن ذلك الضمان ساري لمدة 6 أشهر فقط - بينما يعيش العاطل عن العمل فيما بعد " دون ضمان " .

أو ليس ذلك إستهزاء بحق العاطلين وتلاعب بمستقبلهم ، وهل مبلغ كهذا – الزهيد من وجهة نظري – يمكن أن يطلق عليه ضمان – وهو غير كافي حتى لسد رمق هؤلاء الناس .. في ظل أزمة غلاء متنامية يعاني منها المجتمع .

ألم يأخذ بالإعتبار مسألة العاطلين ممن لديهم أسر ينفقون عليها " كالزوجة والأولاد".

أما بالنسبة للعاطل الجامعي - ماذا عن بقية الشهور والسنوات من عمره – هذا إذا ما أخذنا في الإعتبار الكثير من الحالات التي قد تصل فترة التعطل لديها إلى أكثر من 5 سنوات . فهذا العاطل تعب وهو ينتظر دوره في الحصول على وظيفة تليق به وبمستواه العلمي خصوصاً وأنه قضى سنوات دراسته "الخمس" بتعب مضني من أجل أن ينعم أخيراً بوظيفة تغنيه عن حاجته للآخرين- ومنهم وزارة العمل. وبخصوص هذا المال " الراتب " – المؤقت - الذي وزعته الوزارة على العاطلين- هل إن توزيعه جاء من باب إخراج الصدقات والزكاة والإحسان على هؤلاء الفقاره المحتاجين " العاطلين " – الله يكون في عون وزارة العمل – وما قصرت على كل حال .

هناك تساؤلات وجيهة يمكن أن تكون مجالاً للطرح هنا أيضاً – هل أصبحت وزارة العمل " وبدلاً من أن تقوم بوظيفتها المناطة بها " والمتعلقة بتوفير العمل لكل المواطنين بلا استثناء " – إلى أن تحمل على عاتقها أمور أخرى وأن تساهم في المهاترات المتصاعدة هذه الأيام – كمساهمتها في إيجاد الحلول المؤقته لإسكات العاطل المتلهف إلى حصوله على حقه في وظيفة في أي قطاع من قطاعات الدولة " العامة والخاصة" على حد سواء .

سؤال ..

الم تضع وزارة العمل - الخطط المدروسة - قياساً بتجارب البلدان الأخرى . أم أننا في البحرين أصبحنا نقدم الحلول الجزئية المبتورة لكل قضايانا – ومنها على سبيل المثال- ما يقدم من مشروعات آنية للتصدي إلى أزمة البطالة الخانقة التي أصبحت تعاني منها بلدي البحرين في السنوات الأخيرة ، ولم نرى حلاً جذرياً لها إلى الآن – فدائماً ما تكون الحلول وقتية ، آنية – مثال ذلك - المشروع الوطني لتوظيف العاطلين الجامعيين ، هذا المشروع الذي يسحب أذيال الفشل بين جنبيه منذ أول يوم أطلق فيه لأن بصريح العبارة لا يعترف بمؤهلات وشهادات العاطلين الجامعيين - إنما يقوم على أساس " عمل دورة هنا ودورة هناك " – كما هو الحال بالنسبة لعاطلي العلوم الاجتماعية وتحديداً " علم الاجتماع " - من أجل تضليل الرأي العام والعاطلين وخلق اليأس في نفوسهم حتى لا يطالبوا بحقهم المشروع في وظيفة تليق بهم " استناداً إلى حق المواطنة " التي ينص عليها قانون مملكة البحرين.

ختاماً أقول إننا أصبحنا في بلد العجائب والغرائب ، بلد تسييره الخطط الآنية والمهاترات الغير مدروسة _ مستقبلاً _ هل سنجد من سيمسك بزمام الأمور لصالح الوطن والمواطن .

.. دمتم ما دام وطني بألف خير ..

مقتطفات من دراسة المرأة في قريتي " قيد النشر " .. الحجاب بين الحداثة والإنتكاسة ..

كثيرة هي التغيرات التي طالت الكثير من الجوانب في هذا المجتمع ، و من أهمها " الحجاب " ، فعندما تسترجع جداتنا شكل الحجاب المتداول بين الشريحة النسوية في ذلك الزمان تقول : بأن الحجاب كان عبارة عن ملفع و ثوب و مقنعة للنساء ومشمر وثوب لمكننه للشابات (والثوب لمكننه عبارة عن لباس تقليدي مصنوع من الوايل الخفيف ترتديه الشابات مع الدشداشة وتقوم برفع طرفيه لتغطية الشعر ) و أخيراً البخنق للفتيات ، فالأعراف والتقاليد المجتمعية كانت قائمة على أساس ذلك " وبالتالي كان هذا هو نمط الحجاب آنذاك ، وفيما بعد دخلت العباءة إلى القرية بدءًا بالميسورات إلى أن انتشرت ، وفي البداية كانت النسوة يرتدينها " خارج القرية مع الغشواية ، وهذا ما قالته الكثير من الإخباريات .
و على الرغم من انتشار العباءة إلا أن الحجاب المتعارف عليه لدينا - وهي قطعة القماش التي تستخدم لتغطية شعر المرأة - لم تظهر إلى النور بعد .
وظل الأمر على ما هو عليه حتى مع خروج الدفعة الأولى لتلقي التعليم في مدرسة فاطمة بنت أسد ، حيث كانت الطالبات في ذلك الوقت يرتدين " العباءة " بدون حجاب وعندما يصلن إلى المدرسة " يخلعنها " أي العباءة .

إلى أن وقعت حادثة في أحد السنوات ، كما تقول الإخبارية فاطمة ابراهيم : عندما كنت في الصف الخامس الإبتدائي وفي أحد الأيام جاء عدد من الرجال " الإنكلنيز " لتدريبنا في حصة الرياضة ، وصادف في ذلك اليوم زيارة أحد الرجال من القرية إلى المدرسة " ليشاهدنا بدون حجاب مع الرجال الإنكلنيز " فانتشر الخبر بين الأهالي وبالتالي منع الأهالي بناتهم من الذهاب للمدرسة بينما حرم البعض بناتهم من التعليم كلياً ، أما أنا كما تقول فاطمة فجلست أسبوع في المنزل بناءً على طلب أخي الذي أقنعني بارتداء الحجاب بعد أن ذهب إلى مديرة المدرسة والإتفاق معها على ذلك ، بينما ظلت جميع فتيات القرية بدون الحجاب " لأن المديرة لم تسمح لهن بارتداءه ، وفي السنة اللاحقة ارتدت جميعهن الحجاب " وهن بالصف السادس " .
وفي تلك السنة كما تقول كاظمية أحمد : أطلق علينا الأهالي بــ " رعاة العمائم " ، لأنه " أي الحجاب " كان لونه أبيض شبيه بعمامة عالم الدين، وبدايةً كما تقول كاظمية : كنا نربطه أسفل الذقن .
ومع ذلك ظلت بقية النساء في القرية " يرتدين المشمر والعباءة بدون حجاب " إلا أن ظهر الحجاب على شكل " قبعة " تغطي الشعر فقط بدون الرقبة كما تقول الإخبارية " زينب محمد عبدالنبي ، ومع ظهور هذا النمط من الحجاب " القبعة " أخذت النسوة ترتدينه مع العباءة " . وفيما بعد انتشر الحجاب تدريجياً خصوصاً مع ذهاب الكثير من فتيات القرية للتعليم في المدرسة الدينية " جمعية التوعية " والتي عملت بشكل أو بآخر على انتشار الحجاب بين فتيات القرية ، و كان لقيام الثورة الإسلامية في إيران الأثر الكبير في تنامي مفهوم الحجاب ، حيث استطاع الرجال القائمين على التوعية الدينية أنذاك استقطاب الشريحة النسوية المثقفة والمتعلمة " من الدفعة الأولى " من أجل تدريبهن على التعليم الديني لنسويات القرية عموماً بدءاً بالأمور الفقهية والعقائدية من أجل تهيأتهن " لموضوع الحجاب الإسلامي والشرعي " ، وكما تقول " الإخبارية زينب محمد عبدالنبي " إن النساء أصبحن يقبلن على الندوات والمحاضرات الدينية " وهن يرتدين الحجاب الإسلامي " ، وتواصل حديثها بالقول منذ بداية الثمانيات حتى نهايته برزت الغشواية بشكل متنامي وواضح جداً بين نساء القرية وشاباتها . و في هذه الفترة ظهر شكل آخر للحجاب " حجاب به خيطان يتم ربطهما أسفل الشعر " أعلى الرقبة من الخلف " بينما يتم ربط طرفي الحجاب من أسفل الذقن و هذا الحجاب بطبيعته لا يسمح بأن ينكشف الشعر بتاتاُ

وفي التسعينات تراجع ارتداء النسوة للغشواية أو البوشية ، إلا أن ظهرت بوادر قليلة جداً لظهور البالطو الملون أو الأسود " نتيجة لخروج الكثير من الشابات للعمل ، ومع ذلك بقي ارتداءه محصور في مكان العمل فقط ، إلا أن ظهرت حالات هنا وهناك " بسيطة نوعاً ما " ، وظل محدود الإنتشار .

وفي بداية الألفين حدث تغير كبير في ارتداء بعض الشابات و النسوة " للبرقع " الذي يكشف العينين والذي كان متعارفاً عليه سابقاً بأنه لباس " النساء من المذهب السني " و واكب ذلك تغير آخر يتعلق بـ نمط الحجاب و شكل العباءة ، حيث اندفعت الكثير من الشابات والفتيات في بداية الأمر من أجل التخلي من جديد عن العباءة " الدفة " واستبدالها بالجلباب أو البالطو بتصاميمه المتنوعة ، وفي نفس الوقت استبدال الحجاب الذي ظل متعارفاً عليه " مدة طويلة " إلى الشيلة " الشبيهة بالملفع التي ترتديه النسوة الكبيرات في السن ، وفيما بعد ظهر الإختلاف بينهما في نوعية القماش والكريستالات والخرز والألوان والتطريزات أيضاً .
وقد استمر التغيير والتبدل في شكل الحجاب بوتيرة سريعة جداً ولم يتوقف للحظة ، فقد لاحظنا في السنوات الثلاث الأخيرة أن الحجاب أصبح يتناغم مع حالة جديدة ظهرت مؤخراً " وهي حرص الفتيات على إظهار شيء من جمالهن من خلال هذه العباءة و من خلال الحجاب أيضاً ، فالحجاب ووفق المتغيرات والتحولات الكبيرة والتي تعتبر جذرية في مجملها " أصبحت شيلة " منتفخة أو مرتفعة في الجوانب " بإتجاه الخدين " نتيجة لإستخدام ربطة شعر " كبيرة جداً " توضع في أعلى الرأس ليصبح رأس الفتاة " بحجم رأسين " وبهذه الطريقة يخرج بعضاً من شعر الفتاة " بقصد أو بدون قصد " بالإضافة إلى بروز الرقبة وهي تشع رونقاً وجمالاً ." وقد وصل الأمر عند البعض للتخلي عن الجلباب أو البالطو أيضاً .
و أخيراً ظهر شكل آخر من أشكال الحجاب ، وهو حجاب شبيه بالقبعة يتم ربطه على جانب واحد " بجانب الأذن " ليعطي رونقاً خاصاً وهذا الحجاب على الطريقة المصرية بحيث يغطي الشعر فقط ، بينما يكشف الرقبة بالكامل خصوصاً أن هؤلاء لا يرتدين العباءة " الدفة " ولا الجلباب أو البالطو أيضاً . وباسترجاع بدايات الحجاب في القرية- نجد أن هذا الشكل " أي القبعة " ظهر قديما ًمع انطلاق البدايات الأولى للحجاب إلا أن النسوة أنذاك كن يرتدينه " أسفل العباءة " أي أن العباءة كانت تستر الشعر ، وعلى الرغم من أن النوع الأخير لا زال محدود " حالات فردية " إلا أنه من المتوقع أن ينتشر كمثيلاته من الموضات السابقة له .
ومن الأمور التي رافقت ذلك إهتمام بعض الشابات والفتيات " بوضع المكياج أثناء خروجهن من المنزل " ، من أجل إبراز جمالهن أكثر وهذا الأمر لم نكن نراه في السنوات السابقة .

إذاً من خلال تتبعنا للتبدلات والتحولات التي طالت الحجاب منذ بدء إنطلاقته الأولى إلى يومنا هذا ، نجد أن الإختلاف يكمن في أن الأجيال القديمة " كانت تتصرف وفق اللا وعي " وبعدها " و في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي أخذن يتصرفن وفق " الوعي الديني " وهذا ما انعكس على شكل حجابهن ، إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذ بعض النساء يتصرفن وفق " الوعي و اللا وعي في آن واحد " و أيضاً وفق الحداثة والإنتكاسة في آن واحد ، حيث نجد البعض من النساء من أخذن يلهثن وراء الموضة و الحداثة بسلبياتها إلى أن أصبحن في زمن ما بعد الحداثة أي " الرجوع إلى الخلف و الإنتكاسة " .

الأحد، 1 أغسطس 2010

لهجاتنا المحلية وحقيقة الصراع ..

في كل بلد في العالم هناك لهجة مسيطرة وأخرى مهمشة وبطبيعة الحال لابد وأن يشوب الصراع بينهما عملاً بمبدأ " البقاء للأقوى " بإستخدام شتى الوسائل المتاحة لبسط النفوذ والسيطرة لإضعاف "المهمشين" ولهجاتهم . هنا سوف أبدأ بنظرية الصراع لـ فريد الذي تحدث عن أهمية التدرج الطبقي الاجتماعي والطريقة التي يسمح بها جهاز الدولة بظهور طبقة اجتماعية يكون بإمكانها الحصول على وضع مسيطر والحفاظ عليه .(1)

بدراسة معمقة في الحالة البحرينية نجد أن الصراع قائم بين من يعتبرون أنفسهم " صفوة " وبين من يشعرون بالتهميش أي بين لهجتين وأكثر – بين لهجة "مسيطرة" ولهجات "مهمشة "فالطبقة المسيطرة "أي الصفوة" وحتى تستطيع فرض سيطرتها ونفوذها على كافة الجماعات تحاول نشر لهجتها وتكريسها من خلال الإعلام و الأماكن الرسمية وغيرها . في الإعلام مثلاً سواءً المسموع أو المرئي نشاهد البرامج التي تكرس اللهجة السنية "وهي لهجة الطبقة المسيطرة" ، ومن هذه البرامج مثلاً ( حياكم معانا ) ، ( فرجان لوّل ) .. الخ " هذه البرامج تبث بلهجة أهل السنة " ، في حين إن من يتابعون هذه البرامج هم أيضاً من غير أهل السنة وهم شريحة كبيرة جداً من البحارنة . هذه البرامج بلهجتهم تنطق بهذه الطريقة ( حياكم ويانا ) ، ( فرگان لوّل ) ، أما مقدمي هذه البرامج " من البحارنة أيضاً " فهم يتحدثون بذات اللهجة " السنية " - لكن ماذا عن المسلسلات المحلية وهل ساهمت في تكريس ذلك أم لا ؟

نعم – لقد ساهمت مسلسلاتنا المحلية في تقديم صورة نمطية تحمل في طياتها السخرية والإستهزاء بالآخر، حيث تصور هؤلاء " متحدثي اللهجة البحرانية " على أنهم سذج ،سراق،نصابين، مختلين عقلياً . فعلى مدى سنوات لم نرى إلا تلك الصورة السيئة إلى أن تغيرت بعض الشيء في السنوات القليلة الماضية.

هذا بالإضافة إلى أن اللهجة السائدة في الدوائر الرسمية هي ذاتها لهجة الطبقة المسيطرة، وبالتالي نجد الطوائف الأخرى الموجودة في البحرين تقوم بتقليد تلك اللهجة إلى أن تتخلى تدريجياً عن لهجتها الأم ، وهذا ما سمعته فعلاً من بعض الأفراد الذين ينتمون إلى ما يعرفون بإسم البحارنة، حيث لاحظت أنهم يتكلمون باللهجة السنية فيما تخلوا عن لهجتها الأم " اللهجة البحرانية " .

وسوف أذكر هنا أحد الأمثلة - في أحد الأيام وبينما كنت في زيارة إلى مستشفى كانو الصحي في مدينة حمد ( وهو مجتمع مختلط به عدة طوائف بلهجات متعددة ) ، جلست إلى جانبي أثنتين من الفتيات البحرينيات فكانت إحداهما سمراء البشرة والأخرى بيضاء ، وكان عندي فضول بأن اتعرف على لهجتهن وهوياتهن ، فسألتهن عن ذلك فأجابت إحداهن بأنها بحرانية إلا أني سمعتها تتحدث "باللهجة السنية" أي كما تتحدث صديقتها.. فقلت لها- هل بإمكانك أن تخبريني عن الفرق بين لهجتكِ الأساسية كبحرانية ولهجة صديقتك هذه ، فأخذت تذكر لي بعض هذه الفروقات منها مثلاً:

ظهرنا مقابل طلعنا ( خرجنا ) ، ملفع مقابل شيلة ( قطعة القماش التي تغطي الرأس ) ، نعالتي مقابل نعالي ( نعل ) ، ديباج مقابل برنوص ( اللحاف ) ، جمعية مقابل منتزه ( سوبرماركت ) ، دكان مقابل برادة ، حريجه مقابل حريگه ( حريق ) ، آنه مقابل أني ( أنا ) ، بايي مقابل بجي ( سوف آتي ) ، باجله مقابل باگله ( نوع من البقوليات ) ، جمعه مقابل يمعه ( يوم الجمعة ) ، إرمضان مقابل رمضان ( شهر رمضان ) ، دختر مقابل مستشفى ،دختور مقابل دكتور ، يوعانه مقابل جوعانه ( جائعة ) ، يهال مقابل جهال ( أطفال ) ، يابر مقابل جابر ( اسم شخص ) الخ .

والسؤال الذي أخذ يتبادر إلى ذهني – ما الذي يجعل تلك الفئة من البحارنة وغيرهم من الجماعات ذات اللهجات الهامشية " كالمقيمين والمجنسين" من أصول عربية إلى تقليد اللهجة المسيطرة ( لهجة أهل السنة ) وبالتالي التخلي التدريجي عن لهجتها " الأم " بينما لا نجد ذلك عند أهل السنة إلا نادراً.

وللإطلاع على ذلك قمت بتوجيه هذا السؤال إلى الدكتور ناذر كاظم ( الباحث في الشأن البحريني ) فأجاب:

في كل مجتمع هناك لهجات هامشية ولهجة مسيطرة وهي لهجة الطبقة المسيطرة ( اي الصفوة ) وتسعى تلك الطبقة إلى تكريس لهجتها من خلال الإعلام وغيره ، وحتى لا تتعرض الجماعات الأخرى الهامشية المتحدثة باللهجات الهامشية ، إلى الاستهزاء والسخرية من قبل أصحاب اللهجة المسيطرة فإنها تلجأ إلى تقليد تلك الجماعات في لهجتها .

وفي ذات السياق ومن وجهة نظري الشخصية أجد أن الطبقة المسيطرة ( الصفوة ) ، لا تقتصر فقط على الصفوة الحاكمة وخاصة في مجتمعنا البحريني ، حيث أن هناك طبقات تعتبر نفسها بأنها الصفوة وأن الآخرين هم هوامش . فنرى مثلاً أهل المنامة من الشيعة يطلقون مصطلح " الحلايل " على الأهالي المنتمين إلى القرى البحرانية عامة ، وهذا المصطلح يكمن في مضمونه إستهزاء بالآخر وإنتقاص من شأنه ومن لهجته وثقافته " مال لوّل " باللهجة البحرانية . على إعتبار أن أهل المنامة يفوقون أهل القرى وأنهم الأفضل منهم والأرقى سواءً في اللهجة أو العادات.. الخ .

ولا يختلف الوضع كثيراً عند أهل السنة في البحرين ، حيث إن هناك مناطق تعتبر نفسها الأرقى أيضاً سواءً في اللهجة أو الثقافة أوالعادات ؛ مثال ذلك : عندما سألت إحدى النساء وإسمها "رقية " وهي سنية من منطقة الرفاع ومتزوجة من شخص من نفس الإنتماء الديني من منطقة المنامة تقول بأن لهجة أهل المنامة" السنة " تتميز بـ " المياعه " وقلة الإختصارات بعكس لهجة أهل الرفاع الكثيرة الإختصارات .

مثال ذلك كما تقول رقية - عندما يكون إسم فتاة شمة يطلق عليه في الرفاع شوشو " مختصر" وينطبق ذلك على جميع الأسماء وكذلك أهل الرفاع يعيبون على أهل المحرق بـ " المياعه " أيضاً والتصنع في الكلام ؛ وبالتالي فإن المحصلة تعني " إن أهل الرفاع يعتبرون لهجتهم " اللهجة الصفوة " أي الأفضل والأرقى وبالتالي يتم تهميش اللهجات الآخرى بإعتبارها الأدني على الرغم من أنها من ذات اللهجة " السنية " .

ومن ناحية آخرى وعندما قمت بجمع المفردات والإلتقاء بالأفراد من مناطق متعددة في البحرين " شملها البحث " كانت العبارة التي سمعتها مراراً وتكراراً من تلك الأفراد :

إن لهجتنا عادية جداً , ولا يوجد فيها أي خلل ، على إعتبار أن لهجتهم هي الأفضل على لهجات المناطق الأخرى ويقولون ( إذا أردتي أن تبحثي في اللهجات عليكِ بـ " لهجة أهل سترة " التي هي من وجهة نظرهم - الأدني ).

وبالتالي نرى أن هناك عدة طبقات في المجتمع البحريني تدعي بأنها الصفوة فقد تكون الدولة ذات السلطة ، وقد تكون طبقة أهل السنة المتمثلة في "أهل الرفاع" وقد تكون طبقة أهل الشيعة المتمثلة في "أهل المنامة" وقد تكون مؤسسات و أحزاب تعتبر نفسها هي الصفوة ، فجميع هؤلاء يمارسون دور الصفوة على الأخرين الذين من وجهة نظرهم "هوامش " .

وبالرجوع إلى الجماعات الهامشية من أصول عربية ( كالمقيمين والمجنسين خصوصاً ) فإننا نشاهدهم في الأماكن العامة في البحرين وهم يرتدون اللباس البحريني المشابه للباس أهل السنة ويتحدثون بلهجتهم، للإيحاء بأنهم بحرينيون .وهناك فروقات التي لا يمكن أن يخفيها هؤلاء بين لهجتهم الجديدة وبين لهجة أهل السنة ( حيث أن لهجتهم الجديدة - مزيج بين اللهجة الأم ( يمنية أو سورية الخ ) وبين اللهجة السنية البحرينية ) ، وهذه الفروقات عادة ما تكون في الصوتيات واللحن بحيث تظهر المفردات والكلمات والتعبيرات السنية بلحن سوري أو يمني الخ . وبالتالي هي مزيج بين اللهجتين وإن حاول البعض إخفاء ذلك ( هذا بالنسبة للأباء والأجداد من المقيمين والمجنسين ) . وتقل هذه الفروقات اللهجويةً في حالة الأشخاص المولودون في البحرين حيث أنهم عاشوا وتعلموا واندمجوا في المجتمع البحريني واكتسبوا لهجته أول بأول ، وبالتالي من الصعوبة التعرف على أصولهم ( هل أن أصولها بحرينية أو عربية مجنسة ) ، لأنهم " أي المجنسين " اكتسبوا اللهجة واللباس والثقافة المحلية البحرينية وأخذوا يمارسونها كما البحرينين فلا فرق بينهما .



وفي المقابل تعتبر اللهجة إنعكاساً لثقافة المجتمع وهويته ، ومن خلال تلك اللهجة يتمكن أي فرد من التعرف على ثقافة هذا المجتمع أو ذاك .

والهوية هي إدراك الفرد نفسيًا لذاته . واتسع هذا المفهوم داخل العلوم الاجتماعية لكي يشمل الهوية الاجتماعية ، والهوية الثقافية ،والهوية العرقية ( السلالية ) ، وهي مصطلحات تشير إلى توحد الذات مع وضع اجتماعي معين ، أو مع تراث ثقافي معين ، أو مع جماعة سلالية .ويمكن الحديث أيضًا عن هوية الجماعة ، بمعنى التوحد أو الادراك الذاتي المشترك بين جماعة من الناس . لكن إستخدام مفهوم ( الهوية) كان موضع نقاش من جانب بعض الباحثين المعاصرين ، لأن هذا المفهوم ينطوي على خاصية ثابتة ومستمرة للفرد أو الجماعة . ويرى هؤلاء الباحثين ضرورة التركيز على عملية التوحد ، وليس البحث عن هوية ( ثابتة ) .(2)

ومن خلال ما ذكرناه سابقاً حول علاقة اللهجة بالطبقة وسعي الطبقة المسيطرة إلى فرض وتكريس لهجتها من خلال الوسائل المتاحة لديها وبشتى الطرق ،وشعور الجماعات المهمشة بالإغتراب في هذا المجتمع مما يدفعها إلى التمسك بهويتها ولهجتها المحلية حتى تقول للجماعات المسيطرة ( نحن هنا ) ، وذلك بوسائل مختلفة ومنها مثلاً ما نشاهده لدى البحارنة في البحرين ( كتابة الشعارات على السيارات ) مثال ذلك" اللهم صلي على محمد وآل محمد " "السلام عليك يا أبا عبدالله " وغيرها من الشعارات الموجودة على السيارات والتي تعبر عن الهوية العقائدية والدينية، وقد سعت إدارة المرور ومن أجل الحد من تلك الشعارات وغيرها، إلى تغريم الأشخاص الذين يقومون بلصق تلك الشعارات على السيارات بإعتبار أنها مخالفة مرورية .

بالإضافة إلى ذلك نرى أن العائلات البحرانية - تحرص على تسمية أبناءهم بأسماء تعبرعن ولاءهم وإنتماءهم إلى أهل البيت وهذا من صميم إعتقادهم وهويتهم الدينية ومن هذه الأسماء مثلاً محمد ، علي ، فاطمة ، حسن ، حسين ، رضا ، جواد ، موسى ، عيسى ، حيدر ، كرار ، سّجّاد ، عبدالحسن ، عبدالحسين ، عبدعلي ،صادق ، مهدي ،مهدية ، زينب ، رقية ، سكينة ،مكي ، غريب ، غريبة ، مكية ، مدينة ، كاظمية ، علي نجف ، كربلايه ، فاضل ، عباس الخ ( هذا بالنسبة لعامة الشيعة )، و هناك أسماء آخرى مثل فدك ،آلاء ،كوثر ، ولاء ،غدير ، نبأ ، علا ، بيان ، بنين ، يقين ، ساجدة ، طاهرة ، تقى ، الخ أما السادة من البحارنة ( وهم المنتمين إلى البيت النبوي الشريف ) فإن أسماءهم" إذا كان النسب من الأب" هي ( سيد شبر ، سيد شرف ، سيد شبير ، سيد علي ، سيد حسين ، سيد حسن ) أما البنات فلها أسماء تختص بالسادة فقط مثل ( زكية ، بتول ، معصومة ، نجيبة ) وفي حال" كان نسب السادة من الأم" (الولد ميرزا ،والبنت ميرزاية) أما إذا "كان نسب السادة من الوالدين" أي من الأم والأب فإن الأسماء تكون ( علوي ، علوية ) ، وقد يكون أسماء لعوائل مثل عائلة الأثى عشرية ( سلماباد ) ،عائلة الباقر ( الدير ) وعائلة الموسوي ( المنامة ) أما أسماء المحلات التجارية والمؤسسات عامة فلها أيضاً أسماء تعبر عن الإنتماء الديني والمذهبي مثلاً مطعم القائم ، أنوار الحسن، استوديو الحوراء، مسجد الزهراء ، مسجد زين العابدين، مسجد الباقر ( في قرية كرزكان ) مطعم نور الولاية ، برادات أهل البيت، مخابز النجف، برادات النجاة ، الطفوف للمواد الغذائية ( قرية المالكية ) أسواق نور الزهراء (قرية دمستان ) ،صالون الزهراء ( قرية بني جمرة ) ، صالون البتول ( قرية الدراز ) ،غاز العسكريين ، ورشة الولاية للنجارة ( الجنبية ) ، مخبز الولاية ( قرية المصلى ) مخبز الحجة، روضة الرضا ( بوري ) ، محلات الزهراء لتأجير فساتين الزواج ( السنابس) ، مطعم النجف (المقشع ) ، حملة الكاظم، روضة الإمام الحسن ، بوتيك وليد الكعبة ، خياطة الروضة النبوية ( دار كليب ) بركة فدك ( صدد) ،حملة العقيلة ،حملة غريب طوس ، مسجد الزهراء ، مسحد السيدة زينب ، جامع فاطمة الزهراء،مسجد أم البنين ( مدينة حمد ) حملة الأنوار المحمدية ( جبلة حبشي ) ، مطعم الدر النجفي ( الدراز ) الولاية للتجارة ، ايسكريم الزهراء، ورشة نجوم الهواشم ، ورشة قمر الهواشم ( سوق واقف) . جامع الصادق ( القفول ) مركز الإمام علي (ع)، خباز الهواشم ، حملة الضامن للأماكن المقدسة ( سار ) ، مؤسسة الرضا للأدوات الصحية ( المعامير ) .

كل تلك الشعارات والأسماء إنما تعبر عن الهوية الدينية لدى البحارنة ، وبالتالي يحاولون إبرازها والتشبث بها وغرسها لدى الأجيال المتعاقبة على مر السنين والأيام ، كل ذلك من أجل مواجهة اللهجة المسيطرة وإثبات أنها ليست جماعة هامشية إنما لهجة لنسبة كبيرة لا يستهان بها من الشعب البحريني .

من خلال العرض السابق نجد أن حقيقة الصراع تكمن بين عدة أطراف ، بين الصفوة التي قد تكون الصفوة المسيطرة " ذات السلطة " أوالصفوة المتمثلة في أهل الرفاع " السنة " أو أهل المنامة" البحارنة" . فكل هؤلاء يمارسون دورهم " كصفوة " على أطراف أخرى يعتقدون أنهم " هوامش سواءً كانوا البحارنة بشكل عام أو أهل المنامة " السنة " أو الحلايل " أهل القرى " أو " أهل المحرق " .. الخ.


(1) شارلوت سيمور – سميث/ موسوعة علم الانسان / المفاهيم والمصطلحات الانثروبولوجية/المجلس الأعلى للثقافة / 1998 /ص372.


(2) نفس المرجع السابق / ص 731





مجرد همس ( وطني ... )

تساؤلات تجوب في مخيلتي – عند لقائي بها " حمدة " استطعت أن أجيب على بعضاً منها .
التقيتها ذات يوم " حمدة " الطيبة ، التي كانت على سجيتها كسجيت أهلها " الشاميون " بادرتني بالسؤال عن أسمي .. فأجبتها.

بعدها سألتني " هل أنتم تتعالجون هنا " أي المركز الصحي العادي " ، قلت لها نعم هذا هو مركزنا الصحي ، وأخذت تبادر بالحديث تباعاً ..

قالت : أنا لأول مرة أأتي هنا " المركز " ، حيث أننا نتعالج في المستشفى " العسكري " قلت لها وهل لديكم أحد من العائلة يعمل في قوة الدفاع ، قالت نعم : أغلب عائلة زوجي يعملون هناك ، وكذلك اخت زوجي هي أيضاً قدمت أوراقها في نفس " المكان " ووعدوها خيراً .

فسألتها وهل أخت زوجك لديها شهادات " جامعية " ، قالت حمدة : لا ...

واردفت بالقول – أنا أتيت إلى البحرين منذ سنة تقريباً والآن أنا أنتظر حتى أكمل السنتين ليعطى لي الجواز البحريني " الجنسية " .

بعدها أخذت حمدة تحدثني " كيف أن البحرينيين وبخاصة البحارنة " لا يحبونهم – وفي بعض المرات كانوا يقولون لهم كلام جارح !!

فقلت لها يا حمدة – أتدرين !! أنتم يا حمدة حصلتم على الوظيفة بسهولة " كبيرة " ، في ذاك المكان (قوة الدفاع) ، و السكن المناسب ، والعلاج في أفضل المستشفيات والكثير الكثير من الامتيازات ..

أما هؤلاء يا حمدة – فلم يحصلوا على ذلك .

فقالت وهل يعقل ؟؟ قلت لها نعم يا حمدة – هذا هو حالهم وحالنا جميعاً .

بعدها بلغ الإستغراب والتعجب محياها "الشامية " ...

لأنهي حديثي معها قبل أن اغادر المكان لأقول لها – يا حمدة – لو قدر لي وذهبت إلى بلدكم " سوريا " واعطيت لي حقوقكم أنتم " المواطنون الأصليون " من عمل ، علاج ، مسكن .. الخ " ولم تعطى لكم – ماذا ستفعلون ؟ هل ستقبلون بذلك – فأجابت حمدة .. بالطبع – لا –

أخيراً ودعت " حمدة " على أمل أن لا أودع بلدي ، وطني ، العزيز علي بعد أن نفضني وتخلى عني وضم الآخرين والآخرين الغرباء وحتواهم ولم يحتويني - لأقول – أين أنا يا وطني ومن أكون ؟؟