تعتبر التحولات المجتمعية محك رئيس ومؤثر في تبدلات أحاطت بـ مفهوم الستر - لدى المرأة في قريتي على مدى سنوات ، و سوف نتطرق هنا من خلال مشاهداتنا وتحليلنا لواقع المرأة قديماً وحديثاً إلى مراحل تطور هذا المفهوم عبر أجيال متلاحقة :
o الجيل الأول – جيل الجدات :
نرى أن ثقافة الستر لدى جداتِنا كان يحمكها العرف أولاً وأخيراً ، فالنساء قديماً كن يجهلن الدين بشكل كبير ، فثقافة الستر لديهن كانت تكمن في لبس المقنعة وتغطية الوجه حتى ولو انكشف أجزاء من جسمهن ( المحرم دينياً ) ، وأنا لن أنسى منظر تلك المسنة في جنوب قريتي وهي واقفة عند أحد الباعة المتجولين وهي تلبس الثوب الصيفي (والثوب هو لباس تقليدي مصنوع من الوايل الخفيف ترتديه المرأة المسنة شتاءاً مع الدراعة أما في الصيف فكن يرتدينه بدون دراعة ) ، هذه المرأة كانت تقوم برفع جزء من هذا الثوب لتغطية وجهها وبهذه الطريقة انكشف جزء من جسمها المحرم شرعاً أمام الرجال . فهؤلاء النسوة لا يفقهون الدين بقدر ما يفقهون العرف بسبب إنتشار الأمية والجهل أنذاك .
هذا الجهل للشرع يتجسد بوضوح أيضاً في مصافحة بعض هؤلاء النسوة للرجال وفي إظهار الزينة كالحناء الخ ، فعلى الرغم من تغطية المرأة لوجهها إلا أنها لا تفقه الدين كما يجب .
o الجيل الثاني – جيل الأمهات :
وهنا برزت ثقافة الستر وفقاً للمنظور الديني بشكل أكبر والتراجع التدريجي لبعض الأعراف ، فبعد أن كان العرف هو المهيمن على كل سلوكيات المرأة ، اصبحت المرأة ونتيجة للتعليم والتوجيه الديني أكثر وعياً في دينها وبالتالي تخلت تدريجياً عن الكثير من السلوكيات و الأعراف الخاطئة التي كانت تمارس سابقاً .
وهذا الجيل ممن يرتدين الدفة ( عباءة الرأس ) وعلى الرغم من أن هناك من النساء من تحرص على تغطية وجهها ، إلا أن هناك شريحة أخرى قد تخلت تدريجياً عن ذلك ، مع التزامها بالامور الشرعية ( ستر كل ما هو محرم وعدم إظهار الزينة الخ ) و تنامي الثقافة الدينية لديهن ، لكن هناك من النساء الغير واعيات بدينهن ..
وهذا الجيل ظل متأثراً بالجيل الأول ( الجدات ) في بعض الأمور وتأثر لاحقاً بالجيل الثالث ( الشابات ) ..
o الجيل الأول – جيل الجدات :
نرى أن ثقافة الستر لدى جداتِنا كان يحمكها العرف أولاً وأخيراً ، فالنساء قديماً كن يجهلن الدين بشكل كبير ، فثقافة الستر لديهن كانت تكمن في لبس المقنعة وتغطية الوجه حتى ولو انكشف أجزاء من جسمهن ( المحرم دينياً ) ، وأنا لن أنسى منظر تلك المسنة في جنوب قريتي وهي واقفة عند أحد الباعة المتجولين وهي تلبس الثوب الصيفي (والثوب هو لباس تقليدي مصنوع من الوايل الخفيف ترتديه المرأة المسنة شتاءاً مع الدراعة أما في الصيف فكن يرتدينه بدون دراعة ) ، هذه المرأة كانت تقوم برفع جزء من هذا الثوب لتغطية وجهها وبهذه الطريقة انكشف جزء من جسمها المحرم شرعاً أمام الرجال . فهؤلاء النسوة لا يفقهون الدين بقدر ما يفقهون العرف بسبب إنتشار الأمية والجهل أنذاك .
هذا الجهل للشرع يتجسد بوضوح أيضاً في مصافحة بعض هؤلاء النسوة للرجال وفي إظهار الزينة كالحناء الخ ، فعلى الرغم من تغطية المرأة لوجهها إلا أنها لا تفقه الدين كما يجب .
o الجيل الثاني – جيل الأمهات :
وهنا برزت ثقافة الستر وفقاً للمنظور الديني بشكل أكبر والتراجع التدريجي لبعض الأعراف ، فبعد أن كان العرف هو المهيمن على كل سلوكيات المرأة ، اصبحت المرأة ونتيجة للتعليم والتوجيه الديني أكثر وعياً في دينها وبالتالي تخلت تدريجياً عن الكثير من السلوكيات و الأعراف الخاطئة التي كانت تمارس سابقاً .
وهذا الجيل ممن يرتدين الدفة ( عباءة الرأس ) وعلى الرغم من أن هناك من النساء من تحرص على تغطية وجهها ، إلا أن هناك شريحة أخرى قد تخلت تدريجياً عن ذلك ، مع التزامها بالامور الشرعية ( ستر كل ما هو محرم وعدم إظهار الزينة الخ ) و تنامي الثقافة الدينية لديهن ، لكن هناك من النساء الغير واعيات بدينهن ..
وهذا الجيل ظل متأثراً بالجيل الأول ( الجدات ) في بعض الأمور وتأثر لاحقاً بالجيل الثالث ( الشابات ) ..
o الجيل الثالث – جيل الشابات :
وبالنسبة لهذا الجيل فقد برز التداخل بين ثقافة الستر والموضة في آن واحد ، فهؤلاء الشابات حتى وإن كن يفقهن الدين بشكل كبير ،إلا أنهن قد فضلوا بأن يمزجوا مفهوم الستر مع ما تقتضيه صرعات الموضة ، وهناك تحولات مجتمعية سهلت هذه العملية ، فأخذت الشابات بإنتهاج نمط جديد في اللبس لم يعتاد عليه هذا المجتمع ، فالكثير من تلك الشابات قد تخلين تدريجياً عن تلك العباءة ( عباءة الرأس ) والحجاب واستبدلنها بالبالطو والشيلة ، وهناك من الشابات من بقي على لبس العباءة التقليدية حتى مع متابعتهن الحثيثة للموضة .
وبسبب هذا التداخل بين تلك الثقافة والموضة فقد أدى إلى إعوجاج لدى سلوك بعض الشابات وإنحرافهن عن مفهوم الستر ، إلا أن هناك شريحة لا يستهان بها من تلك الشابات ظلت ملتزمة بمبادئها التي تربت عليها فيما يتعلق بمفهوم الستر على الرغم من مواكبتها لأخر صرعات الموضة .
و هناك ضوابط مجتمعية ظلت محددة لسلوكيات تلك الشابات في الغالب ، فيما يتعلق ببعض الأعراف والتقاليد المجتمعية ، فالخروج عن تلك التقاليد قد يعرض هؤلاء للإستهجان من قبل المجتمع ..
o الجيل الرابع - الفتيات والمراهقات :
هذا الجيل يختلف نوعاً ما عن الأجيال السابقة الذكر ، فثقافة الستر لدى هؤلاء تغيرت تبعاً للتحولات المجتمعية السريعة ..
حيث أصبحت الأمهات تُشَرب بناتها ثقافة تختلف نوعاً ما عما تشربته هيّ ، فثقافتها ( ثقافة الأم ) كانت في الغالب محكومة بضوابط مجتمعية ، إلا أن تلك الضوابط المجتمعية قد تراجعت تباعاً وأصبح المجتمع لا يأبه لتلك الضوابط والتي كانت في الماضي تعتبر تجاوزات مجتمعية لا يقبل المجتمع بها وقد يعرض صاحبها للقيل والقال .
وبالتالي نجد فتياتنا في المرحلة الإبتدائية والإعدادية يخرجون بدون عباءة الرأس أو البالطو بدون أن يستنكر المجتمع لذلك وذلك لتغير ( مفهوم الستر ) ..
مقتطفات من كتاب المرأة في قريتي - دراسة اثنوجرافية في قرية بحرينية / أمينة الفردان ..
المسئولية الأكبر تقع على الوالدين في تثقيف ابنائهم عن الدين والستر الصحيح والسليم فالان نحن في زمن عولمة وتتاثر الفتيات بكل شي من موضة وغيرها فيجب على الوالدين متابعة ابنائهم وعدم الاستهان بما يحدث الان في المجتمعات من فهم خاطئ وهو ان التطور للمرأة يحدث عن طريق تخليها عن سترها فالمراة جوهرة ولا تحفظ هذه الجوهرة الا بالستر ،سلمت اناملك على ما تخط من واقع مؤلم في مجتمعاتنا. شكرا
ردحذفالستر على مدى الازمنة مر بتحولات، فجذورٍ من التاريخ كانت العفة من اولوياتها، وجذورٍ أخرى يكون العري هو السائد
ردحذفواعتقد انه من عدة جوانب وعوامل مؤثرة على تكوين لباس المرأة
من جانب تبدل ثقافة المجتمع بين زمنٍ وآخر .. وبين التأثيرات السياسية والاقتصادية العالمية على المجتمع الاسلامي
تحية للكاتبة أمينة الفردان
الأخت العزيزة أمينة
ردحذفاشكرك على هذا الطرح الجميل..
انه رصد ممتاز لنسق الأطوار الاجتماعية، ويا حبذا لو تظاف السنوات التقريبية لكل حقبة من باب التحديد.
الموضوع قائم على ثقافة الستر من فكرة ثنائية حاكمية الدين والعرف الاجتماعي.
ثمة تطور واضح، في فهم مقتضيات الحكم الديني بسبب اختلاف البيئات والمناخات، ولكن في الخلاصة نجد أن شعب البحرين متمسك بالوعي الديني منذ أمد طويل، ولكن تخفو حدة الدينية فيه أو تبرز في أحيان متفاوتة تبعاً للمؤثرات.
شكراً أختي أمينة مجدداً
تحياتي
حيدر محمد
تسلمين على موضوع الراقي والستر الصحيح افضل شي وانا برايي المراءه مثل الجوهره يجب المحافظه عليها بالحجاب مثلما نحافظ على الجوهره بل واغلى من الجوهر ه
ردحذفوتحياتي وسلامي سيدحسن الموسوي
الأخت الكريمة أمينة الفردان،
ردحذفتناول مهم وشيّق لمفهوم الستر كأحد أوجه الصراع بين العرف المجتمعي والضابط الديني،
واضح أن هناك أخذ وجذب بين العرف والدين، لدرجة أن يكون الستر مقياس ظاهر لغلبة أحدهم على الآخر، أحياناً يكون مفهوم الستر خاضعاً بالكامل للعرف المجتمعي والمحيط، بحيث تتجلى وترتسم صوره عند المرأة تحديداً بحسب ما يقيّده ويحرّره هذا العرف، ويأتي الدين في المرتبة اللاحقة.
وبإمكاننا أن نتلمس موضوعيتك في البحث عندما نقرأ ملاحظتك الجريئة لنزعة التمرّد الشابة على العرف المجتمعي، وانفتاحها على مسألة الموضة.
عموماً يبقى أن النساء في البحرين من أكثر نساء الأمة الإسلامية تمسكاً ووعياً بمفهوم اللباس الشرعي والستر.
نتمنى أن يحفظهن ويزيدهن ثباتاً على دينه، ويزيدنا فخراً بعفتهنّ وسترهنّ.
دمت موفقة أخت أمينة،
حسين الدقاق
إن ما يحدث حالياً من تهاون أو خلط سيء بين الستر وأخر صرعات الموضة كأن ترتدي بعضهن عباءة تلفت الأنظار لهن أكثر من سترهن بما تحويه من رسومات وزركشات لماعة هو نتيجة للغزو الثقافي والطعن في الدين الإسلامي الذي تقوم عليه الدول الاستعمارية التي تصرف أموالاً طائلة في دراساتها على طرق التغلغل في أوساط المجتمعات الراغبة في السيطرة عليها إضافة لشعور بعض النسوة الملتزمات بالستر الظاهري أن الحجاب والعباءة فرضن عليهن دون اقتناعهن بضرورة الستر وكان خوفهن يمنعهن من التمرد على العادات والتقاليد التي جبل أهلهن عليها وأرادو منهن إتباعها فوجدن في بناتهن فرصة لكسر تلك القيود التي كبلتهن كثيراً وأردن الخلاص منها لكهن عاجزات أمام الأهل والمجتمع فصرن عوناً لبناتهن على التحرر من ذلك الستر الجميل إلى ذل ما سواه .
ردحذفالآنسة الكاتبة أمينة الفردان
ردحذفمقال جميل وطريف. بيد أنني أجد أن التقسيم إلى جيد جدات وأمهات ومراهقات، يخلق لدينا دورا لا يتوقف. فهذا التقسيم ينطبق على كل فترة زمنية على سبيل المثل ونحن في الستينات من القرن الماضي كانت الجدات محافظات جدا والأمهات اكثر انفتحاحا والمراهقات متابعات للموظة وكانت في ذلك الوقت ال short gownوالسروال ال navey، وكشف الرأس، وكان ذلك يخلق صراع أجيال بين الفرق الثلاثة ، لتتكرر نفس الظاهرة في السبعينات ثم في الثمانينات والتسعينات والألفية الثانية بعقدها الأول وهكذا تتكرر نفس الحالة. لأن فجوة الأجيال ظاهرة سائرة وسارية في جميع المجتمعات.
واقترح أن تسمي المراحل بمسميات تتعلق بخاصية في كل مرحلة تشي بتفردها وبخصوصياتها التي لا تتكرر في غيرها.
شكرا يا عزيزتي على طروحاتك الثقافية الإجتماعية التراثية . وإلى الأمام دوما.
علي خميس الفردان